الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الإساتذةُ المتفرغون .. إنكارٌ واستغلالٌ

الإثنين 04/يونيو/2018 - 02:15 ص

هناك موضوعاتٌ تكون الكتابةُ فيها هَمٌ، هَمٌ ثقيلٌ لكنه واجبٌ‏. أكتب؟ أنتظر؟ بماذا أبدأ؟ ‏ ‏الكتابةُ ضرورةٌ ولو كانت فضفضةًمُرَّةً. 

 

‏الأساتذة المتفرغون بالجامعات المصرية ‏يعانون ثباتَ دخلِهم ‏الشهري، وهو ما يعني انخفاضَه بنسبةِ التضخمِ إلى الدرجةالتي قد تصلُ به إلى التلاشي.  ‏قد يكون إحساسُ ‏الجامعاتِ بهذه المعاناةِ دفعَها إلى فتحِ باب إعارتِهم بدون حد اقصى،خاصةً وإن في هذا القرار وفرًا للفارق الذي كانت تسددُه لهم الجامعات. ‏وفجأةً إذا بهذا القرار يبدأ في التلاشي وهو ما يضرُبهؤلاء الأساتذةِ المتفرغين ضررًا شديدًا. ‏قيل أن هذا القرارَ لسدِ العجزِ في أعضاءِ هيئة التدريس في حالةِ تطبيقِ نظامِالساعاتِ المعتمدةِ. 

 

مع الاسف فإن ما يُثارُ عن إلغاءِ قرارِ إعاراتِهم ينمُ عن إنتهازيةٍ شديدةٍ وقصورٍ في فهمِ ما يجري على أرضِ الواقعِ.  ‏الأساتذة المتفرغون لا يُدَرِسون لمرحلةِ البكالوريوس، وهم أصلًا غيرُ مرَحَبٍ بهم، بحجةِ أنهم ياخذون فرصَ الأصغرِ منأعضاءِ هيئةِ التدريسِ، تلاميذُهم. ‏من ناحيةٍ أخرى، فإنه استكمالًا لنغمةِ أن الأكبرَ هم سببُ كل الفشلِ والنكباتِ،  فإنتدريسَ الأستاذِ المتفرغِ لطلابِ مرحلةِ البكالوريوس، إذا حدثَ، يُمْكِنُ أن يُعرِضَه لتلقي تَهَكُماتٍ على تنويعة "إنت لسةعايش مش كفاية عليك كدة؟".  ‏هل يمكن أن يعملَ الأستاذُ المتفرغُ في مناخٍ كهذا يتعرضُ فيه للإهانةِ وإهدارِ قيمتِه. ‏كيفتقبلُ الجامعاتُ أخلاقيًا قبل أكاديميًا أن يتعرضَ كبارُها لمثل هذه المهانةِ؟!

 

‏وإذا مَدَدنا حبلَ المصارحةِ لبعضِ مُنتهاه فإن هناك من الأساتذةِ المتفرغين من لا يُدَرِسون منذ عقودٍ باعتبارِهم طبقةً أعلى،ففيهم مسؤولون سابقون ومنتسبون لما يُسمى تطويرُ التعليمِ وأعضاءٌ بلجانِ المجلس الأعلى للجامعاتِ!! 

 

‏الأساتذةُ المتفرغون، في معظمِهم، مستبعدين، ‏إنجازاتُهم يسحْبُها أصغرُ منهم يُفضلون زوالَهم حتى لا يبقى سواهم فيالذاكرةِ وفِي الصورةِ. لقد ‏قَالَ أحدُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ الراسبين في الترقيةِ أن لجنةَ الترقيةِ مثلُ متحفِ الشمعِ لأن بهاأساتذةً متفرغين، وكأنهم عجزوا عن فهمِ عبقريتِه!!

 

بأي منطقٍ أخلاقي أو أكاديمي تُلغى إعاراتٍ لأساتذةٍ متفرغين حتى يعودوا لدخلٍ ثابتٍ أبدَ الدهرِ في مناخٍ يتجاهلُهم ولايرحبُ بهم؟! لو كان مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا "المنتخب" مصريًّا لقامت القيامة، كيف لمن بَلَغَ اثنتين وتسعينعامًا أن يحكمَ، أليست دورُ المسنين والمصحاتُ به أولى ؟!!

 

‏يحضُرني مثلٌ، "يابا اشتري لي أصل"، فرد عليه "لما كل اللي يعرفوك يموتوا". 

 

كتابةٌ متثاقلةٌ مهمومةٌ. اللهم لوجهِك نكتبُ، علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،

 

*كاتب المقال

ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي 

 أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس

Prof. Hossam M.A. Fahmy