الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

تحية العلم والأثر الوجدانى

الإثنين 03/سبتمبر/2018 - 10:33 ص

عندما كنت صغيرة وأذهب إلى المدرسة للوقوف فى طابور الصباح مبكراً كى أكون فى مقدمة الصف ، كنت دوماً أشعر بهزة وخفقان فى قلبى لا أعرف مصدره عندما يأتى النشيد الوطنى لجمهورية مصر العربية  بلادى بلادى- لكِ حبى وفؤادى الكلمة المشهورة للزعيم مصطفى كامل ، والنشيد من تأليف الشاعر محمد يونس القاضى ..

كان طلاب الشرطة المدرسية يدقون الطبول استعداداً لتحية العلم ، والأولاد يرفعون يدهم اليمنى صوب رأسهم احتراماً لعلم مصر ، والبنات تضعن أيديهن اليمنى على صدروهن تقديراً لجلال اللحظة التى يذكر فيها النشيد الوطنى لمصر . كنت أشعر عند غناء النشيد الوطنى أن فناء المدرسة يهتز ويزلزل من رهبة تحية العلم وشدو الطلاب والطالبات بأعذب كلمات ينبض بها قلبى ويحمر وجهى حتى اللحظة الراهنة عند سماع ذلك النشيد السحرى والذى يهز وجدان كل مصرى ومصرية ، وكل طالب وطالبة فى مراحل عمرية متنوعة..

لماذا أتذكر هذا اليوم ونحن على أعتاب عام دراسى جديد ؟
الأجابة فى كلمة واحدة هى الإنتماء . نعم الإنتماء إذ أننا اليوم فى أمس الحاجة إلى أن نطيل طابور الصباح وتحية العلم كى يعلم كل طفل  وطفلة ،وكل طالب وطالبة أنها مصر التى فى الوجدان وفى الخاطر وفى القلب . وهذا المعنى لا يمكن أن يتم بشكل ارتجالى أو عفوى دون إحساس عميق من كل أطراف منظومة التعليم القيادات والإدارات والمديرين والمعلمين والموظفين والعاملين والطلاب الكل يترك كل شئ وينتبه لتحية مصر وعلم مصر الأرض الطيبة التى تبكى الآن من قلة الانتماء والحب ، وسوء الأخلاق وإعلاء المصالح الشخصية والفساد وارتفاع معدلات الجرائم الإنسانية..
 
تخيلوا إذا تم بث الروح الوطنية فى نفوس الصغار كما كان يحدث معنا فى الصغر عند تحية العلم ويقف معلم فى بداية الطابور وآخر فى المنتصف وآخر فى آخر الطابورلكل صف دراسى هذا فقط من أجل جعل الأطفال والطلاب والطالبات ينتبهون لقدسية اللحظة، لحظة تحية بلادى وتحية علم بلادى . 
لنحصد القيم التى سيتم تعلمها فى عشر دقائق بدون معلم عند شدو نشيد بلادى بلادى ...لكِ حبى وفؤادى.. ثم بعدها تحية العلم وقول تحيا جمهورية مصر العربية ثلاث مرات متتالية..
 
هل تتخيلوا كم القيم فى تلك الدقائق المعدودة أولاً القيم الخلقية ( الاحترام –الطاعة –التآزر –الوحدة –الانسجام –التآخى –المشاركة –الصبر .....) ثانياً القيم النفسية ( الانتباه –الحب –الانتماء –السعادة –التسامى –الراحة النفسية –الشفافية ...) ثالثاً القيم الاجتماعية ( العمل الجماعى –المسئولية –وحدة الصف –المشاركة الوجدانية – التعاون .....) رابعاً القيم السياسية ( المواطنة – احترام القواعد والقوانين –الإيجابية –الإبداء بالرأى –المثابرة والعمل الجاد –الحرص على رفعة البلد – احترام رموز الوطن –محاربة السلبية والفساد ....) خامساً القيم التربوية ( التنشئة الاجتماعية –التفانى –الإخلاص –التواد –الجد –الاجتهاد –القيادة –الالتزام –حب البلد –العمل المستمر –مساعدة الغير –مصر أولاُ ..... ) 
  فى دقائق معدودة كل يوم على مدار عام دراسى كامل يتم غرس كل تلك القيم بشكل غير مباشر فى نفوس الأبناء جميعهم  . فلنتخيل مستقبل بلدنا مع أجيال يتم بث الروح الوطنية بداخلهم منذ الصباح الباكر..

أحسب أننا سنكون جيل من العلماء والمثقفين والقادة ورجال الدين والفنيين كلهم يسعون لخدمة المجتمع والوطن بكل ما لديهم من قوة مهما وجدوا من ممارسات سلبية أو سيئة أو محاولات لطمس جهودهم وأفكارهم وإبداعاتهم العلمية والفنية.. 

وأقترح أن يكون تحية العلم ليس فقط فى بداية اليوم الدراسى وإنما أيضا بعد الانتهاء منه ونهاية الحصص الدراسية ، فهذا يوحى بأن الطالب كان فى مهمة وطنية خالصة وهى العلم الذى يرفع شأن الوطن الأمر الذى يعمق أكثر قيم الإلتزام وتحمل مسئولية الوطن الذى دوماً فى وجدان كل مصرى ومصرية.. لهذا مع بداية عام دراسى جديد هيا نحى علمنا وبلدنا فى الصباح الباكر وبعد الانتهاء كى نقول لبلدنا وأمنا الحبيبة مصر شكراً نحن دوماً نسعى لتكون مصر أولاَ وقبل كل شئ..