السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

المشروعات البحثية تاني وتالت!!

الأحد 12/أبريل/2020 - 02:03 ص

لكل اولياء الامور (وانا منكم) وللوزارة وللطلاب وللمعلمين (وانا منهم) اقول ان "التعليم" القائم علي المشروعات البحثية هو ليس اختراعا ولا دينا جديدا لنختلف عليه، بل هو اداة تعليمية تعرفها نظم التعليم منذ عشرات السنين Project-based Learning، وهو لا يرتبط شرطيًا او ظرفيًا بالتعليم الالكتروني عن بعد او بالظروف الحالية كما يعتقد البعض، وانما هو تكليف طلابي (واجب مدرسي) ومقرر دراسي ومتطلب تخرج في الصفوف النهائية للدبلومات الفنية (كنا اول من نظمه وجعله مطلبا لجميع طلاب الدبلومات الفنية نظام ٣ سنوات في اكتوبر ٢٠١٦)، وهو يدرس ايضا في بعض الكليات العملية كالهندسة وكليات التكنولوجيا والتعليم الصناعي منذ عقود، وهو ينظم لقياس بعض مخرجات التعلم سواء في التعليم المدرسي او الجامعي او عن بعد او الالكتروني، وفي الحالة العالمية الراهنة قررت معظم الدول ومنها مصر ان تستكمل العام الدراسي منزليًا عن بعد بسبب اجراءات الكورونا، واستخدام وسيلة بسيطة و معروفة سلفًا وهي المشروعات البحثية الشاملة حول موضوع (سمة) theme تخدم مقررات الفصل الدراسي لكل صف دراسي من صفوف مرحلة التعليم الاساسي، وذلك بغرض إنقاذ ما يمكن انقاذه مما تبقي من اهداف التعلم المخططة سلفا، وفي نفس الوقت هو عود محمود لفكرة التعلم القائم علي المشروعات البحثية Project-based Learning والتي أهملناها كثيرا علي مر العقود الماضية تحت ضغوط الكثافات الطلابية وتراجع بعض القناعات التربوية.

 

لذلك لا اري اَي مبرر لحالة الجزع التي تنتاب اولياء الامور والطلاب من فكرة المشروعات البحثية المطلوبة الان من الطلاب، بل أراها فرصة طيبة لتدريب واعداد ابنائنا الطلاب للاستفادة من هذا النوع من التعليم القائم علي (البحث عن المعلومات والاختيار بين البدائل وكيفية اتخاذ القرار وتنسيق وصياغة السرد اللغوي والعلمي واكتساب مهارات التعاون والتكامل والعمل في فريق والتواصل وإدارة الوقت)، وكل ذلك يمكن ان يتحقق من خلال هذا المشروع البحثي البسيط بشرط ان يتم لا مركزيا بحيث يستطيع المعلم التواصل وإرشاد طلابه بشكل فردي والعكس بالعكس، وهو ما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه لاحداث تطوير "اجباري" لمنظومة التعليم المدرسي التقليدي بعد انتهاء الأزمة الحالية، عن طريق بعث الحياة مجددا في العلاقة التربوية الخاصة جدا بين المعلم والطالب، وانا اعتبره اكثر فائدة بعشرات المرات (اذا ما نفذ كما ينبغي له التنفيذ) من امتحانات الاختيار من متعدد علي التابلت (التي لا يفعل الطالب فيها اكثر من اختيار فقاعة من عدة فقاعات) والتي تنظمها الوزارة لسنوات دراسية اخري!!. 

 

كلمة اخيرة .. لازلت اذكر وانا اخدم بلدي ملحقًا ثقافيًا منذ ١٥ سنة هؤلاء الطلاب الصغار وهم يحملون كتبًا (ربما تعادل وزنهم) وهم يستعيرونها من مكتبة المركز الثقافي في نواكشوط لكي يعدوا من خلالها "المشروعات البحثية" المطلوبة منهم كواجب مدرسي، يومها قال لي ولي امر لأحدهم انهم في موريتانيا لا ينسون ابدا ان المعلم المصري  هو الذي جاء لهم قبل الجميع ليعلمهم في خص (بيت صغير في الصحراء) كيف يقرأون ويكتبون ويعدون هذه "المشروعات البحثية" من تراثنا الإسلامي والعربي كما تفعلون الان مع ابنائنا ولازلتم في مركزكم الثقافي هذا .. عاشت مصر حرة أبية ووفية لمبادئها.