الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

المنطقُ الضائعُ...

الخميس 08/أكتوبر/2020 - 07:54 م

‏الإعارةُ في الجامعاتِ الحكوميةِ مُتنفسٌ مشروعٌ للخروجِ من ضيقِ مرتباتِ أعضاءُ هيئةِ التدريسِ. ‏وينصُ قانونُ الجامعاتِ على أنه لعضو هيئةِ التدريسِ ما مجموعُه عشرةُ سنواتٍ من الإعارةِ. واستثنى القانونُ من ذلك المَهامَّ القوميةَ التي يُسمحُ بمقتضاها لعضو هيئةِ التدريسِ العملُ خارجَ الجامعةِ لفَترةٍ مفتوحةٍ ودون أن يكونَ للجامعةِ فيها رأيٌ، أي من الممكنِ أن تتجاوزَ العشرةَ سنواتٍ بسنواتٍ وسنواتٍ. والمَهامُّ القوميةُ المقصودةُ في القانون هي للعملِ خارجَ الجامعةِ الأصليةِ كعمداءٍ لكلياتٍ و نوابٍ ورؤساءٍ للجامعاتٍ الحكوميةِ ثم أضيفت الجامعاتُ الخاصةُ والمعاهدُ، وكذلك من يعملون في الوظائفِ الإداريةِ والفنيةِ العليا ‏وصولًا للوزراءِ..


أيضًا، فإن قانونَ الجامعاتِ ينصُ على أن نسبةَ الإعارةِ بكلِ قسمٍ علمي لا تتجاوزُ ٢٥٪؜ من عددِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ بالقسمِ. فإذا كان بالقسمِ ٤٥ عضو هيئةِ تدريسٍ فيُسمحُ بالإعارةِ لعددِ ١٢ عضو هيئةِ تدريس، وإذا كان بالقسمِ ٨ مَهام قومية فلن يتبقى للإعارةِ التي ينص عليها القانون سوى أربع إعاراتِ!! أليس من المنطقِ العادلِ أن يُستبعدَ من تعدادِ القسمِ من هم في مَهامٍّ قوميةٍ؟ لو استبعدناهم سيكون تعدادُ القسمِ ٣٧ عضو هيئةِ تدريسٍ وهو ما يسمحُ بإعارةِ ١٠ من أعضاءِ هيئةِ التدريسِ المطحونين. لكن من سيقومُ بالأعباءِ التدريسيةِ؟ كلمةٌ ظاهرُها الحقُ، ألا يُعتبرُ القيامُ بالمهامِّ التدريسيةِ أيضًا مَهَمَّةً قوميةً تستوجبُ الحدَ من المَهامِّ القوميةِ الإجباريةِ المفتوحةِ. بأي منطقٍ يُمنعُ عضو هيئةِ تدريسٍ من الإعارةِ لأن النسبةَ المسموحُ بها مُستغرقةٌ في المَهامِّ القوميةِ؟! بأي عدلٍ يتقاضى من يخرجُ في مَهَمَّةٍ قوميةٍ ما بين ثلاثةِ أضعافِ وعشرةِ أضعافِ ما يتقاضاه أي عضو هيئةِ تدريسٍ؟ بأي منطقٍ يقضي بعضُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ ما يزيدُ على العشرة أعوامٍ في مهامٍ قوميةٍ خارج كلياتِهم إضافةً إلى ما قد يمضونه في إعاراتٍ أخرى؟! وكم سيتبقى لهم في خدمةِ كلياتِهم بفرضِ عودتِهم؟! وهل يستأهلُ هؤلاء أية جوائزٍ من جامعاتِهم تحت أي مسمى؟


ومع تباري مسؤولين في قراراتِ إظهارِ الحفاظِ على فلوسِ الدولةِ كانت قرارتُ التضييقِ على الأساتذةِ المتفرغين وكأنهم الحائطِ المائلِ الذي سيؤدي هَدمُه إلى حلِ المشكلاتِ الاقتصاديةِ. كم يبلغُ ما يتقاضاه الأساتذةُ المتفرغون مقارنةً بما يُنفقُ على الجودةِِ إياها ومكافآتِها ولجانِها؟ تارة يستبعدونهم من التدريسِ بحجة إتاحةِ الفرصِ للشبابِ، وتارة يكون التضييقُ على إعاراتِهم لما يتسببٍُ نظامِ الساعاتِ المعتمدةٍ الذي طُبِقَ بلا ملاءمةٍ في عجزٍ في أعضاءِ هيئةِ التدريسِ!! أليسَ من العدلِ أن تُفتحَ إعاراتُهم أُسوةً بالمَهامِّ القوميةِ الإجباريةِ المفتوحةِ عِوضًا عن ثباتِ ما يتقاضونه شهريًا؟ لِما التعاملُ النفعي الاِنتهازي معهم؟ أما من حلٍ منصفٍ لثباتِ ما يتقاضونه؟


مَهَمَّةٌ قوميةٌ إجباريةٌ مفتوحةٌ أصبحت طريقًا للعديدِ من المسؤولين والإداراتِ الجامعيةِ التي كانت؛ لما لا يتبنون إذن حالَ خدمتِهم ما لن يُطَبقُ عليهِم؟

هل أعضاءُ هيئةِ التدريسِ تصنيفات، أساتذة متفرغين مغبونين وأعضاءُ هيئةِ تدريسِ مطحونين ثم حائزو المَهامِ القوميةِ الإجباريةِ المفتوحةِ؟

لا حياءَ في الحقِ، ولا عدالةَ مع فقدانِ المنطقِ.

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،

ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس
albahary.blogspot.com