الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
منوعات

عجز الميزانية الأمريكية يرتفع لرقم قياسي في يناير بعد قفزات في الانفاق الحكومي

الثلاثاء 23/فبراير/2021 - 09:03 م
السبورة

كشفت  وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عن اتساع عجز الميزانية خلال الأشهر الأربعة الأولي من العام الجاري بما يقدر بنحو 736 مليار دولار، بأكثر من العجز المسجل في نفس الفترة من العام الماضي الذي بلغ نحو 348 مليار دولار، ليزداد حجم العجز بنسبة 89٪ عن العام السابق، وذلك بعد أن فاقت معدلات الإنفاق الحكومي معدل الإيرادات.


وقالت الوزارة في بيانها أن إجمالي الإيرادات بلغ ما يقرب من 1.2 تريليون دولار بزيادة قدرها 1٪ الذي تم تسجيله من شهر أكتوبر حتى يناير، في حين ارتفعت معدلات الانفاق بنسبة 23٪ لتصل إلى 1.9 تريليون دولار، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع الإنفاق على برامج الرعاية الصحية والإنقاذ من فيروس كورونا وإعانات البطالة.

بالنسبة للأشهر الـ 12 المنتهية في يناير بلغ العجز الإجمالي 3.47 تريليون دولار أو 16.2٪من اجمالي الناتج المحلي الاقتصادي.


زيادة حادة في للعجز خلال يناير الماضي

يأتي العجز الواسع في الميزانية عقب ارتفاعه بشكل حاد خلال شهر يناير الذي بلغ 163 مليار دولار، متجاوز تقديرات السوق البالغة 150 مليار دولار، مقارنة بشهر يناير في 2020 الذي سجل عجز بقيمة 33 مليار دولار، نتيجة القفزة الواسعة في معدل الانفاق البالغ 547 مليار دولار بينما انخفضت الإيرادات إلى 385 مليار دولار.

ارتفع حجم الإنفاق الفيدرالي عقب اصدارجولة أخرى من التحفيز المالي والمساعدات الفيدرالية في أعقاب اتفاق الإغاثة في ديسمبر عقب موافقة الكونجرس، مما أدى إلى توسيع عجز الميزانية للسنة المالية 2021.

تضمنت معدلات الإنفاق العالية حزمة الإغاثة البالغة 900 مليار دولار التي أقرها الكونجرس أخيرًا بعد شهور من الجدل والتي أدت الى تراجع الدولار في سوق 

تداول العملات ،وتأمين الدخل البالغ 228 مليار دولار أمريكي، تلاه الإنفاق على الضمان الاجتماعي (69 مليار دولار أمريكي) والصحة (65 مليار دولار أمريكي) والرعاية الطبية (57 مليار دولار أمريكي) والأمن القومي (54 مليار دولار أمريكي). 


الأسباب التي أدت إلى زيادةالعجز

إن سبل مكافحة الإدارة الأمريكية لتداعيات جائحة فيروس كورونا لدعم الاقتصاد وحمايته من الانكماش المرتبط بالوباء، أجبر البلاد على توسيع نفقاتها لينتج عنه توسع العجز المالي ووصوله إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كما أن ضعف عائدات الضرائب ساهم في ذلك أيضًا.

لقد أصبح ارتفاع العجز المالي أحد القضايا التي يتم نقاشها في الكونجرس ووضعها في الحسبان حول ما إذا كان ينبغي للمشرعين الموافقة على مزيد من الإنفاق لتعزيز الاقتصاد ودعم الأسر والشركات حتى السيطرة على الوباء.

يثير التدفق الهائل للإنفاق الفيدرالي مخاوف بعض المستثمرين والاقتصاديين في وول ستريت من حدوث زيادة حادة في التضخم في وقت لاحق من هذا العام أو المقبل،خاصة وأن الاقتصاد في طريقه إلى التعافي، ولكن حتى الآن ليس هناك ما يشير إلى ذلك.


هل يجب أن تقلق بشأن العجز الفيدرالي القياسي؟

للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، كان الحل الذي قدمته الحكومة بسيطًا وهو: الإنفاق ثم الإنفاق.


في العام الماضي كافحت الشركات الصغيرة للتعامل مع تدابير الوقاية من الفيروس التي أجبرتها في بعض الأحيان على الإغلاق، تدخلت الحكومة الفيدرالية لتقديم الإغاثة بحزمة تحفيز تاريخية غير مسبوقة، فقدمت مدفوعات للأفراد وقروض للشركات، لكنها دفعت العجز الفيدرالي للارتفاع، ومع تفعيل حزمة تحفيز أخرى ومستويات الدين الحالية بالفعل مرتفعة للغاية سجل العجز مستوى قياسي آخر.


لهذا يتعين على الحكومة الفيدرالية أن توازن مواردها المالية تمامًا، يجب أن تحقق ما يكفي من المال لتسديد ما عليها، إذا لم تقدم الحكومة ما يكفي لتغطية ديونها فإنها ستعاني من عجز، خاصة وأن الولايات المتحدة كانت تعاني بالفعل من ارتفاع عجزها المالي قبل أن تنتشر جائحة فيروس كورونا، لكنه الآن أكبر.


لوضعها في نصابها الصحيح، كان لدى الولايات المتحدة عجز قدره 984 مليار دولار في عام 2019 (4.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، الآن يبلغ العجز الفيدرالي 17.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي أي ما يقرب ضعف ما كان عليه في ذروته السابقة خلال فترة الركود العظيم.


ومع ذلك، فإن تأثيرات الديون الفيدرالية الكبيرة على المستهلكين قد تستغرق وقتًا لتظهر آثارها لذلك قد لا نرى الصورة الكاملة بعد، هناك سببان يثيران القلق بشأن الديون الكبيرة: أنها يمكن أن تعيق الأسواق الخاصة ويمكن أن تسهم في التضخم، قد يصبح التضخم مصدرًا رئيسيًا للخلاف في دولةتعاني من عجز كبير ودين، لكن حاليًا لا ينبغي أن يكون التضخم مصدر قلق فوري للمستهلكين، ولكنه قد يصبح مشكلة في العام أو العامين القادمين.


لإدارة الديون بشكل أفضل ومنع الضرائب من الارتفاع، يمكن للحكومة أن تمول ديونها من خلال إصدار أشياء مثل سندات الخزانة لمدة 10 سنوات للجمهور، كما أن الحكومة الفيدرالية تتدخل بالفعل لمكافحة التضخم، فقد أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا أنه سيعدل معدل التضخم الخاص به فوق نطاق 2٪ لتحمل الظروف الاقتصادية المقبلة بشكل أفضل.


توقعات لأداء الاقتصاد الأمريكي

نظرًا لأن تطعيم لقاحات فيروس كورونا الموسعة ستقلل من انتشار الفيروس خلال الأشهر المقبلة، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل حسب التضخم) بنسبة 3.7٪ في عام 2021، وسيعود إلى مستوى ما قبل الجائحة قبل منتصف العام.


مع متوسط نمو يبلغ 2.6% خلال الفترة 2021-2025، سيتجاوز الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مستواه المحتمل (الحد الأقصى المستدام) في أوائل عام 2025،وسينخفض​​معدل البطالة تدريجياً حتى عام 2026، ويعود عدد الأشخاص العاملين إلى مستوى ما قبل الجائحة في عام 2024.


بالنسبة للدين، يقدر البنك الاحتياطي أن الدين سيرتفع من أكثر من 79٪ من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2019 إلى أكثر من 102٪ من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية السنة المالية 2021، وسيستمر في الزيادة إلى أكثر من 107٪ بحلول عام 2031.


وسوف تنخفض الديون إلى مستوى منخفض يبلغ 101% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026 قبل أن يرتفع مرة أخرى ويتجاوز في النهاية الرقم القياسي السابق البالغ 106% من الناتج المحلي الإجمالي الذي تم تحديده بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، سيبلغ إجمالي الدين 35.3 تريليون دولار في عام 2031 بزيادة قدرها 13.6 تريليون دولار عن اليوم.


هل الديون على هذا المستوى مشكلة؟

الدين هو إجمالي الديون التي تدين بها الحكومة الأمريكية، التي تعني أيضًا المبالغ التي اقترضتها لتغطية عجز العام الماضي وجميع حالات العجز في السنوات الماضية، كل يوم تنفق فيه الحكومة أكثر مما تأخذه فإنها تضيف إلى الدين الفيدرالي.

في الوقت الحالي الأمر ليس مشكلة،حيث تقترض الحكومة الأمريكية تريليونات الدولارات سنويًا بأسعار فائدة منخفضة للغاية في الأسواق المالية العالمية، ولا يبدو أن هناك الكثير من اقتراض القطاع الخاص الذي أصبح مزاحمًا بسبب اقتراض الخزانة الأمريكية في الوقت الحالي.

في الواقع، تشير حقيقة أن أسعار الفائدة العالمية لا تزال منخفضة للغاية بينما تقترض الحكومات في جميع أنحاء العالم بكثافة لمحاربة ركود كوفيد 19، إلى أنه لا يزال هناك الكثير من المدخرات حول العالم أكثر مما هو مطلوب لتمويل الاستثمار الخاص.