رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

أستاذ الجامعة.. من برة هلا هلا ومن جوة يعلم الله .! منك لله يا "فتحي"

السبت 18/يونيو/2016 - 01:37 ص

ذاكر كويس يا "فتحي" عشان تجيب مجموع وتطلع الأول على دفعتك ...

 يا "فتحي" متسيبش الكتاب وانت بتتعشى, انا نفسي اشوفك أستاذ جامعة " أد الدنيا"

كفاية ساعة واحدة في النوم يا "فتحي" وقوم ذاكر ...

اتعب يا  " فتحي " دلوقي وبلاش خروج مع أصحابك عشان تستريح بعدين ..

 

وتم إعلان نتيجة المرحلة النهائية واصبح فتحي معيدا بالجامعة وفرح "فتحي" ووزع الشربات ولكن لم تدوم تلك الفرحة طويلا..!! 

ولم تكن تلك هي نهاية المطاف او الراحة بالنسبة " لفتحي" .. ولكنها كانت بداية الشقاء والتعب ومرحلة الصدمة بالواقع المرير ..!!

 

فقد فوجئ "فتحي" بأن الدولة لا تهتم بالعلم والعلماء ولا البحث العلمي, وعلية استكمال دراسته والصرف على أبحاثة من نفقته الخاصة .. بل وتفرض علية ان ينمي قدراته ولكن علية دفع رسوم تنمية قدراته لها .. كما فرضت علية نشر علمي بمجلات دولية برسوم باهظة يتم استقطاعها من قوت عائلته, وعلية الترقي في مدة زمنية محددة - " كأن الدولة تضرب الودع وتقرأ الفنجان في حساب المدي الزمني اللازم لحدود البحث", ولم تكتفي عند هذا الحد بل هددته بتغيير مجري حياته , وضياع شقاء السنين في الهباء, بتحويلة لوظيفة إدارية او الخصم من راتبه , لو لم ينصاغ لتلك القرارات وينجز دراسته ويدفع رسوم كل ما هو مطلوب منه في تلك المدة المقررة ..

 

ونظرا لعدم وجود أي دعم من قبل الدولة في رعاية بحث " فتحي " او لتنمية قدراته المفروضة عليه, أو توفير راتب يساعده علي تحمل تلك النفقات المتزايدة التي تشكل له مشكلة خانقة ما بين الوفاء بمستلزمات دراسته والوفاء بأعبائه المعيشية, او توفير خدمة صحية لائقة له ولأسرته أو خدمة اجتماعية او سكن لائق لهم.

حدثت الصدمة..

 ومن هنا بدأت نقلة جديدة "لفتحي" وبداية مرحلة الإطفاء التدريجي, وتسلل الإحباط لعقله , فنتيجة للأعباء المالية المتزايدة, لم يكن لدية حل سوي اللجوء إلي الأبواب الخلفية, ومخالفة القانون في إعطاء الدروس الخصوصية والبحث عن عمل آخر خارج أسوار الجامعة, والمتاجرة بالكتاب والشيتات, ليسد به طوفان الأعباء المتزايدة علية, فلا يوجد له حل آخر , وبالتالي قرر نسيان الإبداع والابتكار, وجمع كل آماله وطموحاته وألقاها في سلة المهملات, وبدأ التفكير في كيفية تخطي تلك الأزمة ما بين أعباءة الأسرية المعيشية وبين واجباته الوظيفية, فقرر ان يصبح روتيني ويترقى روتينيا "ويقلب" أي بحث بدون النظر على فائدتة المجتمعية , ويهتم بعملة الخاص وكيفية تحقيق الاكتفاء المالي لأسرته, نظرا لتلك القيود المفروضة عليه نتيجة سياسات الدولة في التعامل مع باحثيها .

  فقد تناست الدولة  أن " فتحي "  كأي شاب علية التزامات وأعباء معيشية , وتكبيله بتلك القيود والعقبات تقتل آخر آمل لدي هذا الشاب الذي كان في وقت ما متفوق وله رؤية وفكر وأمل في غد مشرق, فلا مجال هنا للإبداع او الابتكار في ظل كل تلك القيود وعدم وجود التعليم والبحث العلمي كأولويات للدولة , فهناك مدة زمنية محددة وهناك مصروفات ومراجع وترجمات ومواد كيميائية مطلوبة لإنجاز تجربته " "والعين بصيرة واليد قصيرة" ..  بعد ان كان يعتقد ان وظيفة معيد بالجامعة هي تكليف من الدولة لرعاية المتفوقين بتوفير كافة التسهيلات لهم ..!!    

 

بأغلب الدول ممنوع العمل الخاص لأستاذ الجامعة إلا في نطاق محدود .. ولكن تلك الدول المفترض ان قرار تكليف العمل كمعيد بالجامعة هو إقرار من الدولة بتبني تلك العقلية المتفوقة والصرف علية منذ التحاقه معيدا مرورا بتدرجاته الوظيفية وحتي وفاته , بتوفير كافة التسهيلات له لتحقيق فائدة لجامعته وللوطن,فهذا هو مفهوم الأحتضان والأحتواء ,  ولهذا لا يحق له العمل الخاص خارج أسوار جامعته إلا بإذن .. وهنا لا نتطرق للوضع الحالي الخاطئ وما يحدث في مصر من تمثيل أدوار .. فالدولة تمثل إنها ترعي أعضاء هيئة التدريس والبحث العلمي ولا تعطي لهم إلا الفتات لنراها واضحة في مناقشات موازنه التعليم والبحث العلمي السنوية .. والجامعات تمثل إنها توفر كافة التسهيلات ولكن على النقيض هي تأخذ ولا تعطي .. وبالتالي وبكل بساطة نتيجة تمثيل القدوة لدورهم .. يصبح عضو هيئة التدريس هو الآخر يمثل إنه يخصص كل وقته ويلتزم بما فرضة القانون علية, وقد يلجأ للأبواب الخلفية التي تساعده على الأعباء المعيشية  ..!

هنا نحن لا نتحدث بصدد واقع خاطئ يتم معالجته بتصرفات أخطأ, بتطبيق العقاب قبل توفير المتطلبات والحقوق ..!!

نتحدث هنا عن تصحيح المسار للجميع .. الدولة عليها توفير رواتب تضاهي المتوسطات العالمية بخدمات طبية واجتماعية تحقق الكفاية له ولاسرته , وتصبح كل الخدمات البحثية والتعليمية المقدمة لعضو هيئة التدريس - سواء تنمية قدرات او تكاليف التجارب والنشر علمي-  مجانية , وبعد توفير كل ما سبق ينبغي على الدولة ان تفرض على عضو هيئة التدريس الالتزام الكامل بمتطلباته وواجباته , ومن يرفض له حرية الاختيار بين الاستمرار في جامعته او التفرغ لعملة الخاص.

 ونعود " لفتحي" مرة أخري فلم تأتي الرياح بما تشتهي السفن ,  فقد تم تحويل "فتحي" للجنة تأديب وتم عزله من وظيفته.. لأنه قام بإعطاء دروس خصوصية وتاجر بالكتاب الجامعي, وأهتم بعملة الخاص, ولم يكن موجودا طوال الوقت بجامعته , وبهذا فهو خالف مواد قانون تنظيم الجامعات من رقم 100 الى رقم 104 التي تمنع العمل الخاص خارج أسوار الجامعة ..

وعندما عاد فتحي لزوجته وأخبرها بما حدث ... صاحت بالصوت العالي... 

 " منك لله يا فتحي " ...!!