رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

يا حكومتنا... قولوا الحق.. التعليم حق دستوري أم لا..!!

الأربعاء 29/يونيو/2016 - 03:31 ص

فرصة التحاق أبناء الأسر الأغنى بالتعليم الجامعي تعادل 7 أضعاف فرص التحاق أبناء الأسر الفقيرة . المصدر: مجلس السكان الدولي – ورقة سياسات: "العدالة والإنصاف فى التحاق الشرائح الاجتماعية المختلفة بالتعليم الجامعي في مصر

بالربط بينها وبين إحصائية مؤشرات الفقر عام 2013 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن مستوى الفقر بمصر, والذى أفاد ان نسبة الفقراء بمصر وصلت إلى 26.3% , ولو علمنا ان معدل التزايد في نسبة الفقراء بمصر ازداد بين عام 2012 وعام 2013 بمعدل 1.1 % سنويا, لأنه كان عام 2012 مقدر بـ25.2% ,  فمن الممكن التنبؤ بالمعدل الآن بعد مرور أربعة سنوات من آخر إحصائية, خصوصا بعد الرفع السابق لجزء من الدعم على الطاقة والمياة والخدمات ولهيب نيران الارتفاع المتواصل في اسعار كافة السلع والخدمات والذي لا يتوقف ..!! والتصريحات الأخيرة من الحكومة بإنها بصدد إتخاذ "إجراءات مؤلمة ..

لذا اعتقد ان تلك النسبة ارتفعت وستصل الى رقم مخيف مع نهاية هذا العام, وهو ما سيؤثر بدوره على انتشار الجهل والأمية, وتقليص فرص التحاق افراد الشعب بالتعليم على كافة المستويات , خصوصا مع توجه الدولة بالتوسع في التعليم الخاص ..!!

ورغم كل ما سبق فلازال هناك من يحدثوننا عن خصخصة وبزنسه التعليم والتربح منه وتحويل التعليم إلى سلعة يتحكم فيها القطاع الخاص ورجال الأعمال , تحت مسمي شراكة مع التضييق في رفع ميزانية التعليم والبحث العلمي وعدم تطبيق الاستحقاقات الدستورية بشانهم ..!!

وبالنظر إلي تسريبات الثانوية العامة التي حدثت مؤخرا, والبحث عن المستفيد من تلك التسريبات, سنجد أن التسريبات تتسبب  في ارتفاع نسب النجاح وارتفاع المجموع الكلي للطلاب , ومن هنا يزداد الإقبال على كليات القمة, ونتيجة ان الجامعات الحكومية لها  طاقة استيعابية لا تستطيع تجاوزها,  يصبح البديل من نصيب مافيا التعليم الخاص .. وهنا يصبح المستفيد الأول هو بزنس التعليم الخاص , خصوصا في كليات القمة ذات المصروفات الفلكية التي تصل لمئات الآلاف  ...!!  اما باقي الكليات التي لا تسمي كليات قمة تبدأ معاناتها بسبب قلة العدد الراغب في الالتحاق لها  !!!

وبالرغم من ان دستور جمهورية مصر العربية في مادته رقم 19 أقر بأن التعليم حق لكل مواطن , نجد على أرض الواقع أن التطبيق مختلف تماما ..!!

فبدلا من إتاحة فرصة التعلم لكل من يرغب فى الاستزادة  من العلم أو من يرغب في تحويل مساره ودراسة تخصصات مختلفة لما أجبر علية من مكتب التنسيق,  قامت الدولة بغلق التعليم المفتوح بدلا من إصلاح العيوب التي يعاني منها , وبالنظر إلي الدول المتقدمة التي تهتم بتعليم الكبار, وتفتح المجال لكل مواطن يرغب في التعلم   إذا توفرت فية القدرات التي تؤهلة لما يرغب فية .. نجد أن الدولة تحدد وتقيد فرص التعلم للمواطنين .. بدأت بتحديد عمر من يتقدم للتعلم , ثم ربط فرص التعلم بمجموع ثانوية عامة لا علاقة لمؤهلات حاملها بتخصصات عديدة , ثم القرار الأخير بتحويل التعليم المفتوح لشهادة مهنية غير معترف بها , وتارة أخري في رفع مصروفات ووضع قيود في نطاق محل السكن وعدم التحويل لكليات آخري .. وكل تلك الخطوات بربطها مع توجهات البنك الدولي نجد ان الواقع يقول لنا ان خصخصة التعليم وتحويلة لسلعة هو قرار تم اتخاذه .. !!

وتحويل التعليم لسلعة في بلد يقع أكثر من ربع تعداد سكنه تحت خط الفقر,  يخالف كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان, كالمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية, والاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في ديسمبر 1960 ، والتي تشير إلى أن التمييز في مجال التعليم لا يكون فقط على أساس اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين وإنما أيضا على أساس الحالة الاقتصادية,  وأن أي تمييز على أياُ من هذه الأسس يعتبر انتهاك للحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

وبعد الحديث الصادر في الصحف بشان إنشاء بنك للطلاب والرفع التدريجي للمجانية , والبدء في منح الطلاب قروض للتعليم على غرار الدول المتقدمة الرأسمالية يأتي السؤال الآن ..

 كيف يتحمل الطالب تكلفة التعليم الفعلية بينما الدخل الشهري لغالبية للمواطنين لا يكفى التكلفة الفعلية لمتطلبات الحد الأدنى من المعيشة الآدمية ؟

و لو كان الدعم يصل فعلا لمستحقيه لكانت القروض الطلابية هي الحل , ولو كانت الدولة استطاعت ان تسيطر على فساد التعليم الخاص وفساد بعض القطاعات الأخرى لكان وقتها لكل مقام مقال .. ولكن حتي وقتنا هذا يصبح تحويل التعليم لسلعة بدلا من خدمة هو ضرب من ضروب الجنون .. 

فالدول التي تطبق القروض الطلابية تكون مسئولة عن تشغيل الخريجين ومنح بدل بطالة لمن لا يتم توظيفه , ناهيك عن الحق في العلاج والسكن والمأكل والمشرب وهم من أساسيات حقوق الإنسان، ومازال غالبية المواطنين بدخولهم الحالية تحت خط الفقر بعد إعدام الطبقة المتوسطة بالأسعار...!!

 فهل سنستمر تحت ضغوط البنك الدولي الذى يفرض على الدولة تحررها من دعم الخدمات .. وهل سنستمر في اتفاقية الجاتس التي تلزم الدولة بتحرير قطاع الخدمات والتحول للسوق المفتوح والشراكة مع الدول الاجنبية بعد الحديث المتزايد عن التهديدات الخارجية التي تواجه مصر وحروب الجيل الرابع .والخامس والسادس ؟!!.

الحق في التعليم من ضرورات تطور الفرد الذي بدونه لن يحدث تطوير ولا تقدم لهذا الوطن