الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

المعلم المصري المـُفترى عليه دائما..سباك وبواب

الثلاثاء 09/أغسطس/2016 - 03:47 ص

 أن تكون معلما في مصر فهذا قدر ونصيب صعب وابتلاء يحتاج إلى صبر ومثابرة . 

عليك أن تعارك منذ الصباح طواحين الهواء حتى تذهب إلى مخدعك دائخا تماما وفاقدا الحول والطول. فأولا عليك أن تلتزم بروتين الوظيفة المصرية المعتادة. ثم بلوائح داخلية تثقل الكاهل يضعها كل من هو فوقك بداية من ناظر المدرسة ونهاية بالسيد الوزير مرورا تقريبا بكل ما بينهما من جيوش من موظيفين وأفندية وربما سعاة تفننوا جميعا في إذلال وإخضاع ذلك الذي قاده حظه العاثر إلى تلك الوظيفة. 

هل يعلم هؤلاء الذين يتطالون على المعلم المصري أنه الوحيد الذي يراقب من جهات لا تعد ولا تحص ، من التعليم والمحليات ، من مشرف وناظر ومدير مدرسة وموجه ومتابعة من الإدارة ومكاتب تعليم في كل إدارة ثم المديرية والوزارة والسيد رئيس الحي وصاحب المعالي المحافظ . الجميع تفرغوا لتقويمه وتهذيبه وإصلاحه.

ـ المعلم المصري هو الوحيد الذي تجده يعمل معلما داخل الحصة ثم بعد قليل ستجده حارساً للبوابة يشتبك مع أولياء الأمور أو شباب تافه جاء لمعاكسة الطالبات، ثم هو سباك يـُصلح حنفيات المياه، حين ينتهي من السباكة عليه أن يصبح نجاراً لأبواب ومقاعد المدرسة المتهالكة. بعدها يترك أدوات النجارة لأن مدير المدرسة طلب منه أن يشترى مصابيح وأدوات كهربائية بسرعة.

ـ المعلم المصري مطالب فوق كل ذلك بأرتال من الأوراق التي عليه أن يـُعدها يوميا / سجلات / غياب/ درجات/ تصحيح كراسات/ دفاتر إعداد/ وحدات تدريب/ الخ الخ

ـ ثم عليه أن يدخل بعد كل ذلك إلى قاعة الدرس بإعصاب باردة لأنه قدوة وأن يتعامل مع كل هذه الأعداد المكدسة دون نظام أو مقاعد صالحة أو نظام تهوية جيد وأن يـُعدها تعليميا ويعيد تقويم سلوكها وإصلاح ما أفسده المنزل والمجتمع والإعلام. بعدها لا تخرج له ماكينات الصرف الألي سوى أوراق نقدية زهيدة  أقل كثيرا مما تخرجه لساع في مصلحة أو بنك أو غفير درك. لكن عليه أن يتقبل ذلك لأنه يؤدي رسالة ، هكذا دائما يخدعه المسئولون أو يخادعون أنفسهم.

ـ ثم حين يخرج من محل عمله عليه أن يبدأ رحلة كفاح طويلة سعيا وراء لقمة عيشه وهنا الفخ . إذا عمل مهنة شريفة كسائق تاكسي مثلا فسيكون في منتهى الخجل لو فتح باب سيارته تلميذ من تلاميذه. وإذا عمل حارس أمن أو ما شابه  فعليه أن يتحمل لوم الجميع لأنها لا تليق بمعلم . أما إذا قدر له الله أن يقوم بإعطاء دروس خصوصية لإصلاح أحواله وإكمال ما تعذر أن يقوم به بالمدرسة فعليه أن يتحمل لعنة المجتمع وغضب أولياء الأمور، وتهكم الإعلام . فهو سفاح ومصاص دماء. مع أن الطبيب والمحامي وتاجر اللحوم ينفنون في مص دماء الجميع

ـ المعلم المصري عليه بعد ذلك أن يواجه غضب الجميع وحيدا وظهره للحائط ، فهو محل اتهام من الجميع ، وزارته ووزيره ، نقابته وأعضاؤها . أولياء الأمور وأولادهم . الإعلام وسخافاته. أصابع الإتهام تشير لهذا الذي فقد ضميره وباع أخلاقه.

ـ لكننا الأن نصرخ ، صرخة مدوية لعل عاقل يسمعها في هذا البلد . يا سادة كلنا فاسدون ، حتى بالصمت العاجز. لكننا لم نصمت وقد قلنا أوجاعنا . لماذا السكوت على أوضاعنا المهينة؟ في مصلحة من تشويه صورة المعلم؟ . الأمن القومي لهذا البلد يبدأ من التعليم. استثماركم في الحجر لن يصنع سوى حداثة شكلية ستتهاوى دون عقول ناضجة . استثماركم في البشر يبقي ويؤتي اُكله. هذه صرختنا من أجل هذه البلد ـ فلا تزايدوا علينا بالوطنية .

 واغيثونا والله الموفق


   

 

 وأن تتحمل ظروفك الاقتصادية الصعبة