رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

"جودة" شهقة طشة التقلية.. شهادة "إعتماد" لطعم الملوخية .. !!

السبت 03/سبتمبر/2016 - 01:08 ص

يتوارث البعض عادة عند طبخ الملوخية وهي الصراخ "بشهقة" عند إتمام طشة التقلية, والاعتقاد السائد هو ان طعم الملوخية لا يكون جيدا إلا بتلك " الشهقة" ..!! 

وبدون الصراخ وتلك "الشهقة" قد تتحول الملوخية بقدرة قادر إلي ماء أخضر بدون طعم ..!! ولا أحد يعلم ما هو السر في تلك الشهقة وعلاقتها بطعم الملوخية,  ومن يعتاد عليها يرفض التخلي عنها , بل ويخشى من فقدان تلك الشهقة ويرفض تجربة طبخ الملوخية بدونها خوفا من إفساد الطبخة ..!! ورغم ذلك يتم توارث تلك العادة جيلاً بعد جيل لتصبح "جودة" شهقة التقلية هي شهادة "إعتماد" لطعم الملوخية..

 

تعليم "حشو الورق" بجودة "تستيف الورق" لبيروقراطية "دولة الورق" لمافيا "فساد تظبيط الورق" 

رغم إنشاء الهيئة القومية لضمان الجودة  عام 2006 أي منذ عشرة سنوات.. إلا ان مصر احتلت المرتبة 139، في مؤشر جودة التعليم العالمي , وهو المركز قبل الأخير في محور جودة التعليم الأساسي "الابتدائي" واحتلت المركز 111 في جودة التعليم العالي والتدريب , وتعالت الاصوات التي تنادي بتعديل تلك المنظومة التي تحولت "لتستيف أوراق" للحصول على شهادة تفيد بان المؤسسة التعليمية معتمدة, بغض النظر عن الواقع الفعلي الحالي لتلك المؤسسة,  وما حققته من تقدم وتطوير في مؤهلات الخريجين, ومستوي مناهجها وتطابقها لاحتياجات المجتمع, او نظامها الإداري الورقي الذي اختفي من العالم كلة , او قدرات العاملين فيها ونظم تطويرهم ..!! المهم انها حصلت على ورقة تفيد بأنها معتمدة ..!!  والغريب اننا نجد البعض يقيم الاحتفالات ويتبادل التهاني عند حصول المؤسسة التعليمية على شهادة الاعتماد بالرغم من عدم وجود أي تغيير ملموس يشعر به المجتمع, بل وبشهادة العاملين بالمؤسسة نفسها عند سؤالهم عن الفارق ما بين قبل الاعتماد وبعده يقولون لا جديد ..!! 

 

فمنذ عشرات السنين وتتعالي الأصوات التي تطالب بتحويل التعليم بمصر من الحفظ والتلقين إلي الفهم والتحليل والتركيب واستخراج المعلومات , واستحداث علاقات فيما بينها وتطبيقها على أرض الواقع, بدلا من الجملة الشهيرة التي يسمعها أغلب الخريجين في سوق العمل التي تطالبهم بنسيان ما تم دراسته بالمؤسسات التعليمية...!!

 

تبدأ عملية تدريب الطالب على الحفظ والتلقين واسترجاع المعلومات المحفوظة  بدأ من المرحلة الابتدائية ومرورا بكل المراحل حتي تنتهي بالمرحلة الجامعية , ليصبح "حشو ورق" الكتب سمة من سمات مناهجنا, و"حشو ورق" الامتحانات سمة من سمات إجابات الطالب ...!! 

 

فالجميع ينادي بحذف "الحشو" من المناهج وتعديلها لتتطابق مع احتياجات المرحلة الجامعية ونفس المطلب في المرحلة الجامعية لتتطابق مع احتياجات سوق العمل ..

وعاما بعد عام يخرج علينا المسئولين بتصريحات من نوعية " نعمل على تعديل المناهج" , "لدينا خطة ستحقق لنا جودة التعليم" , " لدينا العديد من المشروعات بالتعاون مع ..... ستحقق طفرة في التعليم " , "تخفيض المقررات بحذف الحشو من المناهج " ....الخ, ستة عشر  عاما ندور في نفس الفلك ونفس الدائرة , بل ونفس المسئولين وتكرار لنفس الخطط والفكر ..!!

تلك التصريحات تتكرر بشكل مستمر لدرجة انها اصبحت خبز يومي على مائدة الصحافة يصيبنا بالملل بسبب عدم وجود تقدم حقيقي ملموس يشعر به المجتمع ..!!

 

ورغم ذلك تستمر المناهج "بحشو ورق" ..!!  لتصبح النتيجة الطبيعية لهذا الوضع , حدوث مشاكل في الامتحانات كل عام..  تسريبات, غش, دروس خصوصية ,  فساد , وأعباء على الاسر المصرية , بسبب اعتياد الطلاب على "حشو المخ" بمعلومات لا يوجد بينها أي علاقة سواء في المادة الواحدة او بين المواد وبعضها البعض .

الطالب علية ان يحتفظ بالمعلومات لحين الامتحان .. وعند استقباله لورقة الإجابة .. يعمل على "حشو" الورقة بتلك المعلومات التي تم إجباره على حفظها , وبعد الانتهاء من الامتحان كأن شيء لم يكن..!! تحدث عملية "تبخير" تلقائي لتلك المعلومات الصماء التي لا تربطها إي علاقة في ذهن الطالب ..!!

وهنا هل لي أن أسألك عزيزي القارئ : هل يمكنك تذكر محتوي أي مقرر مما درسته في الثانوية العامة بخلاف تخصصك الحالي .. ومدي استفادتك منه الآن في عملك  ؟!!

النظام التعليمي بمصر ثابت ويفتقد المرونة, ولا يراعي قدرات كل طالب على حدة , ولا يوجد لدينا ما يسمى ملف إنجاز وتوجيه لبناء الإنسان  , يتم قياس قدرات كل طالب بمفردة, والمشاكل التي تواجهه , وبناء علية يتم تعديل المحتوي العلمي ليصبح ملائم لقدرات صاحب هذا الملف , ليتم توجيهه وإرشاده لأفضل طريق ومحتوي مقررات تتناسب مع امكانياته وقدراته العقلية ليبتكر ويبدع ..

 

 بل وفي أغلب الأحيان بالمرحلة ما قبل الجامعية يجد الطالب نفسة شغوف بدراسة نوعا ما من المواد الدراسية ولكنها غير متوفرة بمناهج تلك المرحلة,  فمن التحق بالتعليم العام لا يحق له المطالبة بدراسة الكترونيات او ميكانيكا سيارات مثلا , ومن التحق بالتعليم الفني لا يحق له دراسة لغات او كيمياء مثلا , فكل مرحلة هي منغلقة على نفسها , وبالتالي نستمر في عملية ثبات معلوماتي , كالختم التي نختم بة الأوراق كله متشابه ومستنسخ لا فرق, نظام تعليمي لا يسمح بوجود إبداع  ..!!  كل تخصص منغلق على نفسة , لا يقبل التجديد لعدم توافر التنوع والاندماج ما بين التخصصات المختلفة , ليجد الطالب نفسة في المرحلة الجامعية تم إجباره على دراسة تخصص ما  بدون رغبته , ولكنها أوامر السيد مكتب التنسيق .. حتي في المرحلة الجامعية يستمر كل تخصص منغلق على نفسة ولا يوجد بجامعاتنا الحكومية مواد اختيارية من تخصصات اخري . بل والغريب ان الدولة تشجع هذا الانغلاق بتخفيض التقييم في الابحاث العلمية المشتركة ما بين التخصصات المختلفة ولا تضع  لها الاولوية وبالتالي لا يتم استحداث تخصصات جديدة .

 

والسؤال الآن

في دولة اهم ما فيها الورق ..  هل يوجد علاقة بين حشو المناهج التعليمية وحشو ورق الامتحانات وتستيف الورق وبين... " شهقة" أخبار الفساد  ؟؟!!