الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

كي لا نخسر بعض..

الخميس 20/أكتوبر/2016 - 07:13 م


ما إن صوتت مصر الأسبوع الماضي لصالح مشروعي القرارين الفرنسي والروسي بشأن الأزمة السورية وأعقب ذلك من عتاب مندوب السعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي الذي وصف الموقف المصري بـ"المؤلم" حتى انطلقت عمليات الاصطياد في الماء العكر بين أكبر قوتين عربيتين، بشكل ملفت ومربك، يحتاج إلى كثير من التوقف والتأمل.

كان الإعلام هو سيد المعركة ولا يزال لتأجيج الخلاف بين الدولتين، وبين الشعبين، وكأن علاقتنا لم تغن بالأمس، فأصبحنا نقلب كفينا على ما أنفقنا فيها من مقالات وتفاهمات، وتعاون استراتيجي، وزيارات متبادلة، ودعم متبادل ومواقف فاصلة لا تنسى في مسيرة البلدين والشعبين.

لا أريد أن أنقل ما كتبه "الرداحون" من هنا وهناك، وما وجهوه من طعنات واتهامات، وكل منهم قد امتطى صهوة قلم مسموم ليغرسه في جسدين مثخنين بجراح هموم داخلية وخارجية، وهموم المنطقة التي تتهاوي قطعة قطعة، وقد أمسكت النار بأطرافها.

إنه من الطبيعي جداً أن يكون هناك تباين في وجهات النظر بين مصر السعودية، وهذا ليس بالأمر الجديد، ومعروف للقاصي والداني مواطن الخلاف، وهي كثيرة جداً وإن بدا أبرزها الأزمة السورية، وربما الموقف في اليمن، لكن يبقى أن مواضع الاتفاق أكبر بكثير، والأهم هو وجود المساحات التي تسمح للدولتين بالتفاهم والنقاش، فما بين مصر والسعودية تاريخ وعلاقات وتفاهمات، ومصير مشترك، وهموم ومخاطر مشتركة، لكن ليس بينهما اتحاد بالصيغة الفيدرالية التي تستوجب أن يكون لهما مندوب واحد بالمنظمات الدولية، ووزير خارجية واحد ومواقف واحدة تماماً،  كان أمراً مقبولاً جداً أن تتباين بعض الحسابات، فعلى سبيل المثال انقطعت العلاقات المصرية الإيرانية منذ ثورة الخميني بينما ظلت العلاقات السعودية والخليجية مع إيران في كامل قوتها، ولا ضير في ذلك ولم يكن مطلوباً من السعودية أن تحذو حذونا، واليوم انقطعت العلاقات السعودية الإيرانية ولا يعني ذلك ألا تتقارب مصر وإيران، إن رأت  مصر لها مصلحة، مع رفضي القاطع للتدخلات الإيرانية الشيعية العابثة في الشؤون العربية والمذهبية السنية، كذلك الموقف بالنسبة للعلاقة مع تركيا، المتوترة جداً في شقها المصري الإستراتيجية جداً في شقها السعودي.

وعلى الرغم من كثرة الأصوات الغوغائية التي تهافتت هنا وهناك لتشويه العلاقة بين الشعبين المصري والسعودية إلا أن هناك بعض الأقلام العاقلة التي حاولت أن تكبح جماح الأصوات الغاضبة ومنها ما كتبه السعودي على سعد الموسي في صحيفة الوطن السعودية تحت عنوان: كي لا نخسر مصر وقال فيه:"قد أتفهم وأعطي العذر لردة الفعل الشعبية المحلية تجاه التصويت المصري مع مشروع القرار الروسي حول سورية في مجلس الأمن، ولكنني في المقابل لن أقبل انجراف "الإنتلجنسيا" وقادة الرأي وأصوات التأثير والنفوذ لمجرد أن المندوب المصري رفع إصبعه في موقف لا يقدم ولا يؤخر مع أو ضد قرار محكوم بالفيتو المعلن. هذا هو رأيي كي لا نخسر دولة شقيقة وكبرى مثل مصر، لأنها مرت بامتحان موقف على طاولة مجلس الأمن، وهي ذات الطاولة التي تنازلنا عن الجلوس عليها قبل أكثر من عامين لأسباب كثيرة تهم ترتيب مصالحنا السياسية، ومن ضمنها أن نتجنب ورطة "التصويت" في مجلس أممي بات من النادر جداً أن يبحث مشاريع قرارات لا تخص جوارنا ومن حولنا وعالمنا في هذا الشرق الأوسط".

وقال خالد الدخيل في الحياة اللندنية:" لنتكلم في العروبة والسياسة ومتطلباتها وما يرتبط بها من مصالح مشتركة في شكل مباشر وشفاف. من دون ذلك لن تتوقف الخلافات العربية عن مفاجأتنا جميعاً عند كل منعطف حرج، لتزيده حرجاً وإرباكاً.

من قبل لعب الإعلام دوراً حقيراً في ضرب علاقات الشعبين المصري والجزائري بسبب مباراة لكرة القدم كما شوه العلاقة مع المغرب، وفي تصوري أن الإعلام العربي في مجملة يعش مرحلة مراهقة مرضية، فلم يحدث أن شوه الإعلام الفرنسي الشعب البريطاني أو العكس لمجرد الخلاف في مواقف حكومتي البلدين، ولم يفتح الإعلام الأوروبي النار على الشعب البريطاني الذي صوت لصالح الانفصال من الاتحاد الأوروبي، فالدول بينها تفاهمات وتنسيق وليس خضوع أو تباهي.

لست أدري على وجه اليقين ما هو السبب في حالة التردي في الإعلام العربي وفي الأقلام العربية، فهل لخلل في البنية التكوينية المهنية له؟ أم لأنه نبت في رحم الأنظمة؟  

مازلت عند رأيي في أن الإعلام إن لم يكن همزة وصل بين الشعوب العربية، فلا يجب بحال من الأحوال أن يكون همزة قطع كي لا نخسر بعض.