الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

عن هؤلاء الدواعش بيننا

الخميس 27/أبريل/2017 - 02:02 م

فرضت كلمة داعش هذا المصطلح البغيض نفسها منذ سنوات قليلة ، تلطم أذنيك صباح مساء فى البرامج الإعلامية ، تصطدم عينيك فى مانشيتات صحف الصباح ، تحاصرنا كجيش من ذباب لزج به هذا القدر الكافى من التناحة ، جماعات خرجت من كهوف الظلام كخفافيش إسطورية تحاول أن تفرض سطوتها على دنيا الله ، تعتقد أن رؤيتها المتخلفة ونظرتها البالية هى الحق والحقيقة ، فبدأت فى غفلة من الأيام تتمدد وتتسع وتفرد راياتها العتيقة على نافذة العبث منتشية بخرائب الأمم وجماجم العباد ، فأصبحت معادلا موضوعياً للتزمت والتشدد والجاهلية ولكل ما هو قمىء ومتخلف 


لكننا إذا تأملنا جيداً سنجد أن فى كل منا داعشىً صغير بطريقة أو بأخرى ، فليس شرطا أن يكون الداعشىً بلحية  تسرح وتتمدد حتى إبطيه ، أويلف رأسه بعمامة سوداء مرتديا ثيابا خارج سياق العصر  واردة من بيوت موضة متخلفة ، فقد يكون الداعشىً بقميص كاجوال وبنطال ساقط يظهر منه البوكسر أو خريجاً لأعرق المدارس والجامعات الأجنبية ، لأن الداعشية على امتداد الرؤية هى حالة تسكن ها هنا فى العقل والقلب ، 


فحينما تعتقد أنك صاحب الرأى الوحيد الأوحد وتحاول دائما أن تنفى الأخر ، أو تتهمه بالخيانة والعمالة لمجرد اختلاف فى وجهات النظر فهذه داعشية ، الرجل عندما تتعملق بداخله ذكوريته فيحاول أن يفرض سطوته على الأنثى ليعلن بعدها نشوته وانتصاره ، والمرأة حين تنظر إلى جسدها على أنه عورة حباها الله بها فتكرهه أو تخجل منه وتتفنن كيف تحبسه أو حين تُغيب عقلها لتصبح مجرد جسد جميل طاغِ يمارس جبروته على عباد الله ، فهذا محض داعشية ، المدير أو رئيس العمل بدولاب الروتين العتيق الذى يملكه والذى يجثم على صدور المبدعين وأصحاب الطاقات ليخنق الأفكار الجديدة قبل أن تفلت للنور فيظل هو الوحيد صاحب القرار الصارم الحاسم ..هو رجل داعشىً بإمتياز ، 


وإذا تعمقنا حولنا أكثر وأكثر سنجد الكثير من مظاهر الداعشية تنتشر حولنا وتتوغل دون أن ننتبه ، المناهج التعليمية التى لا تخاطب عقلا أو وجدانا ولا تترك مساحة للتفكير والإبداع ...أليست هذه داعشية ؟!  ، حينما يتمطع مقدمو برامج التوك شو كل مساء خلف الكاميرات محاولين بكل ما يملكون من ثرثرة أو بما أفاض الله عليهم من صرصعة أن يقنعونا بأن ما يقولون هو الحقيقة المطلقة ... 


أليس هؤلاء من غُلاة الدواعش  ، حينما ترى حولك أطنانا من القمامة وبالوعات بلا أغطية وأعمدة إنارة بأسلاك عارية وأرصفة لا تستطيع أن تضع أصابع قدميك عليها وإلا زجرك الباشا  ( صاحب الفرشة ) ، وموظفون لا يمارسون عملهم سوى بالنفحة ، وحوائط  ترتع عليها شعارات سياسية مكتوبة بسذاجة وعته ، وكبارى تسكنها روائح البول ، وبشر يتصارعون مع السيارات فى الزحام ، وأصوات الباعة الجائلين تقفز عبر نافذتك إلى سريرك لتهب مذعورا ، ثم بعدها تشد لحافك لتنام وتتعايش مع كل هذا القبح من حولك دون أن تستنكره ـ وهذا أضعف الإيمان ـ  فأنت امرؤ فيك داعشية .