الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

نقد الأوهام السعيدة.. في نظام الثانوية العامة الجديدة (4-2)

الجمعة 02/يونيو/2017 - 01:55 ص

نستكمل معاً قراءة نظام الثانوية العامة المقترح من الوزير والمعلن عن تطبيقه بدءً من العام القادم، فبعد أن وضحنا عدم صحة طريقة احتساب درجات الطلاب في الثانوية والتي توزع المجموع علي أساس 50% أفكار بحثية، 30% أنشطة،  20% إبداع وابتكار وتكون النتيجة أساس مجموع الطالب في الثلاث سنوات..

ونكمل بيان ما في هذا النظام المقترح من انفصال كامل وعزلة عن الواقع المصري الذي يفترض أن هذا النظام سيطبق فيها ومثال ذلك:
1- الكلام الإنشائي الجميل حول أن الطالب هو من سيعتمد على ذاته في البحث والإبداع والأنشطة ودور المعلم المناقشة فقط وإصلاح المعلومات الخاطئة، وإعطاء الطالب جزء من المعلومات في المناهج ويبحث هو عن باقي المعلومات من خلال بنك المعرفة..

وهنا نسأل السيد الوزير هل الطالب المتخرج من الصف الثالث الاعدادي يستطيع القيام بهذه الأدوار المختلفة؟ هل تتوفر لديه أو لدى المدرسين أصلا القدرة على البحث؟.. أم سيكون البديل هو اللجوء إلى مراكز متخصصة في كتابة الأبحاث وهي المشكلة الموجودة بالفعل في الجامعات ولم تستطع القضاء عليها حتى على مستوى الدراسات العليا؟ وهل مطلوب من طالب الأولى ثانوي أن يكون افضل من طلبة الدراسات العليا لمجرد أن الوزير أراد ذلك؟..

وهل تتوافر لدى النصف مليون من طلابنا في كل دفعة القدرة علي دخول الانترنت والبحث في بنك المعرفة؟ هل توجد لدى كل أسرة مصرية جهاز كمبيوتر خاص بكل ابن لكي يدرس عليه؟ هل يعلم الوزير أنه حتى هذه اللحظة هناك 27% من سكان مصر لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء؟ هل يعلم الوزير أن 15 % فقط من الأسر المصرية لديها صرف صحي؟ هل يعلم الوزير أن نسبة الأمية في مصر 24% أي أن ربع أولياء الأمور لا يعرفون القراءة والكتابة؟ وأن نسبة التسرب من التعليم تصل إلى 16 %، ونسبة من يملكون هواتف حديثة تدخل الانترنت وتابليت لا تزيد عن 25 %، وأن هناك بيوت مصرية لم تدخلها الكهرباء حتى الآن؟..
 
هل المطلوب من أبناء هذه الأسر الدخول على بنك المعرفة الذي فشل في هدفه الأساسي وهو الجامعات والبحث العلمي لأسباب أنتم أدرى بها منذ كنت رئيساً للمجلس الرئاسي للتعليم، وكان هذا المشروع هو المشروع الوحيد الناجح للمجلس ولكنه فشل في تحقيق غرضه الأساسي ولا يدخله أكثر من 10% من أساتذة الجامعات والباحثين وهم من أنشئ من أجلهم بنك المعرفة فهل سيدخله الطلاب لتكون دراستهم منه؟..

2- أسطورة أخرى تؤكد الانفصال عن الواقع وهي أن النظام الجديد سيقضي على الدروس الخصوصية والتي تستنزف أولياء الأمور حالياً في السنة الثالثة، وإذا بنظام سيادتك بالتقويم على ثلاث سنوات وعلى أساس الأبحاث والإبداع والأنشطة يضاعف الدروس الخصوصية بشكل غير مسبوق، فبدلاً من ذهاب الطلاب للمدرسين المتميزين في الدروس الخصوصية وعجز الوزارة عن مواجهتهم وهو ما حدث حين حاول بعض المحافظين إغلاق مراكز الدروس الخصوصية العام الماضي، جعلتم الطلاب وأولياء الأمور ألعوبة في يد مدرسي الفصول لمدة ثلاثة أعوام، فهم من بيدهم المساعدة والدرجات على البحث وإن جاء الممتحنين من مدارس أخرى فسيتعرضون لما يتعرض له المراقبين حاليا في الصعيد والوجه البحري من إجبار على ترك الطلاب يغشون إما خوفاً أو طمعاً، بجانب فتح باب جديد لمراكز إعداد الأبحاث الجاهزة للطلاب وكله بحسابه..

وأين الملاعب الكافية للأنشطة وأين مدرسي الأنشطة وأنت تعاني من عجز رهيب فيهم؟ وهل نضمن أن يضعوا 20% من درجات الطالب بدون مجاملات فجة لكل من يعرفونهم أو يخافونهم؟..
 
3- ثالثة الأثافي هي إلغاء نظام العلمي والأدبي فيختار الطالب المواد التي يريد من خلالها أن يلتحق بكلية بعينها أو تؤهله لعمل بعينه.. وماذا لو اختار الطالب مواد تؤهله لكلية هندسة أو إعلام علي سبيل المثال ثم فشل في الحصول على الدرجات التي تؤهله لها؟ هل سيعيد السنوات الثلاث من جديد ليختار مواد تؤهله لكلية أخرى؟ وما العمل لو فشل مرة ثانية؟ هل تضيع ست سنوات من عمره دون فائدة؟ وأي عمل ستؤهله له الثانوية العامة بينما الخريجين الحاصلين على ماجستير ودكتوراة لا يجدون عملاً ويتظاهرون كل فترة طلباً لعمل؟ هل نضحك على أنفسنا أم نضحك على من؟..
 
كلها تساؤلات مشروعة لا إجابة لها عند الوزير الذي فتح صندوق بندورا ولن يضار منه إلا أولياء الأمور والطلاب والوطن فقط. أما ما يتعلق بما يحدث بعد انتهاء الطالب من الثانوية العامة.. وماذا سيفعل بشهادته فهذا نتركه للحلقة الثالثة من محاولة استقراء هذا النظام الفاشل جملة وتفصيلاً.