السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

واجبنا نحو أشرف اللغات

الخميس 21/ديسمبر/2017 - 12:23 ص

تحتفي هذه الأيام العديد من الأكاديميات والجامعات والمؤسسات والمنظمات على امتداد العالمين العربي والإسلامي باللغة العربية مواكبة لليوم العالمي للغة العربية الذي أقرته الأمم المتحدة ويوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وهذا يدعونا إلى التوقف أمام هذه اللغة العظيمة المكون الأساس لهويتنا وثقافتنا والتي شرفها الله برسالته الخاتمة.

فاللغة العربية لغة عالمية وهى أهم اللغات وأشرفها على الاطلاق للعديد من العوامل منها:

أولا: أنها لغة مقدّسة؛ لأنها لغة القرآن الكريم، ووجه تقديسها وتشريفها ذكره الله صراحة فى الكتاب المجيد ، كما فى قوله تعالى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (فصلت:3)  وقوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الزخرف:3) 

ثانيا: أنها لغة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق, وخاتم الأنبياء

قال تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 0 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ  ﴾ (الشعراء:193ـ 195)

وهذا معناه أن الله تعالى اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم  اللغة العربية، وهذا يعني صلاحيتها؛ لأن تكون لغة البشرية جمعاء، وهذه من الأمور المهمة التي تزداد بها العربية شرفًا كبيرًا.

ثالثا: وصفها الله بالبيان عن سائر اللغات كلها فى قوله:﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ  ﴾ (الشعراء: 195) وهذا معناه أن سائر اللغات قاصرة عنها، وهذا شرف عظيم خص الله به العربية، خصوصًا حين ناط الله بها كلامه المنزل ، قال تعالى:﴿ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ( الزمر:28)

رابعا: هذه اللغة محفوظة بحفظ الله تعالى حيث تكفل الله بحفظها ضمنًا في قوله :﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ (الحجر:9)

ولهذا وردت آثار عن السلف تشير إلى محاسن وفضائل العربية على غيرها,  ومن ذلك :

أ- ما روي عن عمر بن الخطاب : « تعلموا العربية فإنها من دينكم , وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم ».

ب-  روي عن الشافعي أنه يكره  لمن يعرف العربية أن يتكلم بغيرها

ج-   قال ابن تيمية :« إن اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، لأن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بالعربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب»

د- وقال ابن فارس : « لذلك قلنا أن علم اللغة كالواجب على أهل العلم لئلا يحيدوا في تأليفهم أو فتياهم »

واجبنا تجاه العربية  

ولهذا فإن خدمة اللغة العربية تعني خدمة القرآن الكريم؛ ولهذا بذل  السلف الصالح  فى خدمتها الجهد والمال والوقت لخدمة لغة القرآن, عكفوا على تعلمها لما لها من مكانة مقدسة في نفوسهم, غاروا عليها، وغاروا على بيانها المعجز , فقضوا  حياتهم في تقعيدها وإشادة أركانها ورسم أوضاعها.

ولهذا فإن ما نراه من انصراف بعض الهمم إلى تعلم غير العربية  وهجر العربية كلية , ويكون تفكيرهم بغير أدواتها , فإن ذلك يعد لونا من التخاذل والتبعيّة.

والواجب علينا فى هذا اليوم العالمى للغة العربية أن نعيد الثقة فى لغتنا العربية ونثبت للعالم أن هذه اللغة ثرية غنية باقية فنرعاها حق الرعاية, ولا ندعها تتعرض للتقويض والانهيار من الداخل والخارج ... قال حافظ :-

أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن            فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى

وقال  حافظ على لسان العربية :-

وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً         وما ضقت عن آي به و عظات

إن أعداء الإسلام يريدون  أن يطمسوا لغة القرآن بدعاوى عدة ( تبسيط النحو / صعوبة النحو ... الخ ) ولا تعدو أن تكون معولاً يحاول أن يصيب مقتلاً في كيان هذه الأمة, وهي محاولات هدامة تحاول إضعاف العربية وعلى الأمة أن تنتبه لتلك الدعاوى الباطلة وأن تهتم باللغة العربية منذ النشأة فى جميع المراحل التعليمية  وفى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة  وفى كل منابر العلم والدعوة وفى كل المجالات والمحافل حتى تستطيع مواجهة تلك الحملات المشبوهة للنيل من العربية أو من القرآن الكريم لكى يرد عليهم بأسهم  والله غالب على أمره  ولكن أكثر الناس لايعلمون.

 *كاتب المقال          

  أستاذ الدراسات الاسلامية بقسم اللغة العربية

 بكلية الاداب جامعة المنوفية