الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الوطن مؤسسة هادفة إلي الربح

السبت 27/يناير/2018 - 12:23 ص

 قد يغيب عن ذهن البعض وسط إنشغالات الحياة أن الوطن مؤسسة غير هادفة للربح ، وبأنه مجرد مؤسسة إجتماعية وظيفتها الأولي توفير كل ما يحتاجه المواطن بأقل تكلفة. ولكن الواقع الذي يحاول أن يهرب منه الكثير هو أن الوطن يجب أن يكون مؤسسة هادفة للربح في المقام الأول. ومن خلال عائد الربح يقدم الوطن لمواطنيه الدعم وحقوق الرفاهية بصورها المختلفة. والربح ليس فقط المال ، ولكنه هو أحد الأدوات التي تعبر عن عصب وقوة الوطن. فبجانب المال ، هناك العلم والفن والأدب والصحة . 

وإذا كانت الزراعة والصناعة والسياحة هي الوسائل الكبري المباشرة لصناعة المال ، فالعلم والفن والأدب وسائل غير مباشرة لصناعة المال من ناحية ، والحفاظ عليه من ناحية أخري. ولذلك فالوطن هو مؤسسة هادفة للربح لكي يستطيع بقوة المال أن يوفر رفاهية المواطن. ولكي يتحقق الهدف يجب أن يكون المواطن نفسه علي دراية بواجباته قبل أن يطالب بحقوقه.

 

ولكل وطن همومه التي تتجدد مع التغيرات الوطنية والإقليمية والدولية ، فلا يوجد هناك وطن يخلوا من هم ، فالوطن ما هو إلا الزمان والمكان للأفراح والأحزان ، وللقوة والضعف ، وللعلم والجهل ، وللفقر والغني ، هو وطن كل الأحداث. ولكي يبقي الوطن قويا ، وغنيا ، ومتعلما ، وسعيدا لا بد من التغيير من آن لآخر لإزالة السلبيات وتعزيز الإيجابيات. وكلما كان المواطن قادرا علي إستيعاب سياسة التغيير وتنفيذها - حتي ولو كانت جزيئيا ضد مصلحته الشخصية وحتي ولو كان التغيير قاسيا ومؤلما - كلما كان الوطن يسير وبقوة علي القضبان التي تأخذه لمحطات أهدافه. وكلما تقبل الكل التغيير دون النظر من الكاسب ومن الخاسر ، كلما نجح الوطن في أن يحقق أهدافه كمؤسسة هادفة للربح ، الربح الذي لا بد منه لوطن قوي.

 

ولكن ، وللأسف ، كلما أستدعت الحاجة إلي تغيير وجوبي ، كلما علت الأصوات الرافضة للتغيير بالرغم من أنها هي التي تطالب بالتغيير وتشتكي من الحال ، وتشكوا من بقاء الحال علي ماهو عليه. وفي هذا تكمن سياسة النفاق في التغيير ، فعندما يخلوا الناس لأنفسهم ، يتحدثون عن ضرورة التغيير. وعندما يبذل الوطن قصاري جهده ووقته في الوصول إلي سياسة معلنة عن التغيير إلي الأفضل ، تعلوا الأصوات علنا جهارا لمقاومة هذا التغيير. أليس هذا نفاقا.

 

التغيير الحقيقي ليس معناه أني مع بعض عناصر التغيير والتي تروق لي أو وأني ضد بعضها والتي لا تروق لي ، بل هو القبول بالكل وليس الجزء. فالتغيير منظومة متكاملة لنجاح وتطوير المؤسسة ككل وليس لمجموعة بعينها. وعندما يسوء الحال ويأن الوطن من همومه ومشكلاته حينئذ يجب أن تكون سياسة التغيير صادمة. والتغيير الصادم ليس فقط في سرعته ولكن في جذريته. فالتغيير الجذري مطلب كعلاج لجراحي لإزالة ما قد انتهكت حرمته من جسد الوطن. ولكن وللأسف أصبحت سياسة مقاومة التغيير هي لسان حال كثير من المواطنين الذين ينظرون للوطن علي أنه مؤسسة إجتماعية غير هادفة للربح.

 

الوطن مؤسسة تحتاج إلي كل يد وعقل وقلب للبناء. والتغيير الحقيقي هو أداة البناء. فتغيير القوانين البالية واجب قومي. وتغيير التنطع الوظيفي واجب قومي. وتغيير البيروقراطية المقننة واجب وطني. والدفع بالأفكار الغير تقليدية واجب وطني. وكسر الجمود الوظيفي والحماية الروتينية للكسل والإهمال واللامبالاة هو واحب وطني. ولن تفلح مؤسسة الوطن إذا قبل أصحاب المؤسسة سياسة التغيير إلي الأفضل حتي ولو كانت الوسائل هي الأسوأ للبعض منا.

 

فلتحيا مؤسسة الوطن برجالها المخلصين القادرين علي التغيير.

 

* كاتب المقال

ا.د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة  كلية العلوم جامعة طنطا

مدير مركز المشروعات والابتكارات ونقل التكنولوجيا جامعة طنطا

مدير مركز التميز لابحاث السرطان جامعة طنطا

المشرف العام علي مركز تنمية اقليم الدلتا بطنطا التابع لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا