الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

مزلقان القطار!

الثلاثاء 13/فبراير/2018 - 05:28 م

كنت في زيارة لأمي الغالية أدام الله عليها وعلي أمهاتنا جميعا" الصحة والعافية وأثناء العودة توقف سائق التاكسي أمام مزلقان القطار وكان هناك عامل بسيط قد تقدم به السن وانحني ظهره قليلا" يرتدي جلباب يظهر أن حالته ليست بخير وبدا ماسكا" لحبل لا يمكنني تمييز نوعه من شدة إتساخة وقام بإنزال الحاجز الحديدي للمزلقان في محاولة لربطه بهذا الحبل وفي هذه الأثناء كانت لاتزال مجموعة من السيارات علي قضبان القطار تحاول الإسراع للمرور قبل غلق المزلقان. صورة لا يمكنيي التعبير عنها بالكلمات، صورة قاتمة كسواد هذه القضبان وعلو أكوام القمامة التي علي جانبيها، سريعا" أكتظ جانبي المزلقان بالسيارات والموتوسكلات والعربات الحنطور كل منهم يحاول أخذ مكان متقدم ليسبق الآخر في المرور بعد فتح المزلقان وكانت المارة لاتزال تعبر من أسفل الحاجز الحديدي كما كانت تتصاعد أدخنة عربات الكبدة والمخ وخلافه في منظر لا يمكن وصفه، وطال إنتظار القطار لأكثر من ربع الساعة. 
هنا جاءت في ذهني صورة هذا المزلقان وأنا صغير في التاسعة من عمري تقريبا" عندما كنت أجلس علي قدمي والدي رحمة الله عليه وهو يحاول أن يعلمني قيادة سياراته وكيف كان هذا المزلقان في قمة النظافة والهدوء فكان وقتها في أطراف المدينة وليس في وسطها حيث أصبح اليوم كان عدد السيارات قليل جدا وكذلك الناس كانوا مختلفين عما نحن عليه الأن، تبدوا عليهم السعادة والرضا وتكسوا وجوههم الابتسامة الرقيقة، ملابسهم مهندمة ليست بالغالية ولكنها نظيفة حتي رائحة الهواء كانت رائحة ذكية لا تشوبها الأتربة والأدخنة، أيقظني من هذه الصورة الصافية الجميلة صافرة القطار العالية المزعجة معلنا" قدومه حتي يتوقف المارة عن العبور وكان يصاحب القطار موجة شديدة من الأتربة وأوراق القمامة تتطاير علي الجانبين ومر القطار ورفع عامل المزلقان الحواجز وبدأ الكل في العبور دون مراعاة لأية قواعد فلم يعد هناك إتجاهات وإختلط الحابل بالنابل وهنا سألت نفسي سؤال بصوت عال، هل يمكن لهذا الشعب أن تقوم له قومه!! نعم هناك عجز واضح في الإمكانيات وعدم وجود رؤي واضحة للتطوير ولكن تبقي الموارد البشرية هي أساس التنمية فلك أن تتخيل منظر هذا المزلقان بنفس هذه الإمكانيات الإقل من المحدودة ولكنه نظيف بدون أكوام القمامة والكل يقف في مكانه منتظرا يراعي شعور من حوله ويحترم القواعد العامة، أبسط الامور التي ينبغي أن نتحلي بها.
 أعلم تماما أن الظروف الإقتصادية باتت صعبة جدا ولكن لا يمكن لبلدنا الحبيبة أن ترقي إلا بنا، نحن من نحتاج للتطوير أولا"، علينا أن نخرج من دائرة الصراع المستمر وننظر للمستقبل من أجل أولادنا وإن شاء الله سيكون أفضل. من المهم أيضا" أن لا نبقي في منطقة الراحة Comfort Zone أكثر من ذلك، تلك المنطقة التي ينتج عنها شعور غير واقعي بالأمان بل تحد من قدرتنا علي التقدم والإبداع. كفنا تذمر وإلقاء المسئوولية علي الآخرين بدون أخذ مبادرة العمل لتحقيق أهدافنا كما يحدث في المجتمعات الناجحة. إبدأ بنفسك وأصلح من شأنك  وكن علي يقين بأن ما تفعله سيعود عليك بالنفع فمعظم النار من مستصغر الشرر. إحذر أن تستسلم، علم نفسك، بالعلم والعمل ترقي الامم وتتقدم. 
علينا أن نعبر المزلقان!