الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

بلد الحرمين الشريفين خط أحمر ..من يقترب يحترق

الخميس 18/أكتوبر/2018 - 02:12 ص

لا يختلف أحد أن للنفس البشرية حرمة كبرى لا تعادلها شيء قط ، وأن تحقيق العدالة مقدم على ما سواه ... لكن المستهجن والمعيب حقاً هو تعمد الإضرار بارض الحرمين ، وهذا ما لن تسمح به مصر على الإطلاق اما مصدر العجب حقاً ، هو ذلك التعارض الحاد بين التصريحات الحنجورية الأردوغانية والتي زعمت منذ فترة قصيرة أنه لن يسلم القس الأمريكي وأن تركيا دولة قانون لا تخضع للإملاءات الخارجية وبين ذلك الانبطاح الكامل والغير مشروط والذي افتقر حتى للإخراج السياسي الجيد .. ! فيم العجلة التي دفعت أردوغان للإذعان الفوري والسريع .. ؟

  وهل هنالك ثمة علاقة بين ذلك وبين قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي والتي تحولت بشكل غير مفهوم إلى قضية دولية تصدرت أخباره وتطوراتها كافة وسائل الإعلام العالمية في سابقة لا مثيل لها .

بالطبع .. إن حياة الإنسان لها قدسية ولا يجوز المساس بها وكذلك حريته ، ولكن التساؤل ينصب على حالة الضبابية الكثيفة وعدم اليقين المحيط باختفاء  خاشقجي ، والأخطر ... هو تنامي ردود الأفعال الدولية قبل التيقن ، وتصاعد وتيرة التهديدات المباشرة إلى درجة الفجاجة وانعدام اللياقة الدبلوماسية فلا يجوز في العرف الدبلوماسي القول بمعاقبة دولة ذات سيادة من قبل دولة أخرى خاصة إذا كان السبب غير مثبت يقيناً ، كما نلاحظ ذلك التصاعد الإعلامي والدولي على عكس قضايا مشابه فحينما تسمم الكولونيل السابق في الاستخبارات الروسية " سيرجي سكريبال " فوق أراضي بريطانية لم تكن ردود الأفعال الدولية بمثل تلك الحدة وذلك التتابع اليومي المتصاعد ، رغم أنها جريمة تمت بواسطة مادة مشعة في بلدة تقع في جنوب إنجلترا ، بالطبع قامت الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات ضد روسيا وقام الاتحاد الأوروبي بمناصرتها لكن لم يصل التهديد إلى الحدود التي وصل إليها في قضية خاشقجي الذي تختلط في قضيته الحقائق بالأوهام وبالكثير من الأكاذيب المتناقضة .

            لقد التزمت السياسة الأردوغانية في هذه الأزمة بسياسة المكر السيئ ، واثبت انه يكيد حتى للدول الصديقة لبلاده ، فهو تعمد إطلاق سحابات كثيفة من التسريبات التي اختلط فيها الحقائق ببعض الخيالات الهوليودية التي عمدت إلى تدويل الأزمة .. ولم يتعامل مع المملكة كصديق ، حيث كان يمكنه إطلاع قيادات المملكة على ما يملكه من معلومات بشكل مباشر والعمل المشترك معها لتصفية الأزمة ...  كما فعل هو بنفسه مع الرئيس الروسي إبان حادث اغتيال السفير الروسي على الهواء مباشرة ، فعلى الرغم من جسامة الحدث إلا أنه تمكن من تخطيه دون تدويل ودون تشويه لصورة بلاده ... وذلك بفضل أن " بوتين " قد تعامل معه كدولة صديقة ، بينما أردوغان لم يتعامل مع المملكة كدولة شقيقة .. !! بالطبع يجب أن ينال المجرم جزاءه ولكن دون الإضرار بدولة صديقة ..!

            لقد قامت المملكة بالموافقة على دخول فريق الأمن التركي للقنصلية وتفتيش كافة أرجائها بدقة رغم تعارض ذلك مع الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي .

  وكذلك قامت بفتح تحقيق داخل المملكة لكي تنجلي الحقيقة بكل أبعادها وينال الجاني عقابه الرادع أيا كان ... وذلك يثبت للعالم أن المملكة تعلي من قيم العدالة والشفافية .

 نعود إلى المشهد الانتخابي الأمريكي الذي نراه هو الحافز الأكبر لكل تلك الأحداث حيث يحتاج " ترامب " للظهور بمظهر الرئيس القوي في شتى المناحي ، فها هو يقول علناً بأنه قد طالب دول الخليج باستمرار دفع المليارات .. في فظاظة غير معهودة في العلاقات الدولية .. !

وها هو يعلن  أن السعودية تبتاع أسلحة أمريكية بمبلغ 110 مليار دولار ، رغم أن ذلك لا يرقى للحقيقة ، فالمبيعات الأمريكية من السلاح للسعودية لا تجاوز نصف هذا المبلغ سنوياً .. فما هو الغرض من المبالغة والتكرار ؟!