رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

آخر أيام العرض

السبت 12/فبراير/2022 - 10:13 م

إصطحبتها والدتها لإحدى مناطق وسط البلد لشراء" جهاز العروس"، لم تكن سعيدة ولست بحزينة،حياد المشاعر الذي داهمها وتعايشت به ومعه اصبغها صبغة الاستسلام المقبول،لم يشغلها الامر إن كانت ستصبح  راغبة أو مرغوبة،ثمة مشاعر وجدت نفسها أمامها لا تقوى على رفضها أو مجرد القبول.

ممشوقة القوام هيفاء القامة،كحيلة العينين سوداوية الشعر ،أنوثتها الطاغية وخفة  الظل التي باتت تحيا بهما ولهما  أجْجا نيران عيونًا باتت ترصدها بكل حدب وصوب تسير تجاهه.

اتجهت لاحدى المحال ، أقلمت نفسها أن تجيد تمثيل دور العروس السعيدة كي تهرب من خيبة الأمل التي داهمتها ،إنها تسعى لشراء  مصباحيّ لغرفة نوم العروس لا تدري مالذي دفعها لأن يمر بذاكرتها تلك اللحظة،وبلحظة ما ليست بالهينة على أي فتاه خسرت حبها البكر، أدارت رأسها فوجدته أمامها رأته بعد غياب دام سنوات لازال بوسامته،ملامحه الشرقية التي لم تقوى على نسيانها  رغم البعاد.


 طول قامته وعروق يديه النافرة وشعيرات صدره الكثيفة أرجعتها بذاكرتها لعدة سنوات مضت لم تقوى في هذه اللحظة على مواجهته ، فوجدتها جواره ،نعم إنها تسير جواره ،فتاة هادئة الملامح   حجابها الرقيق يَنُم إنها من بيت "ولاد اصول" قصيرة القامة نحيفة القوام خمرية البشرة  لم تلطخ وجهها الجميل  بمساحيق التجميل الخادعة حقًا إنها حبيبته ،من إختارها ، وبلحظات قلائل .

صارعتها بعض الأفكار الهلامية الغير واضحة ، لِما لم يحاول لفت إنتباها؟ لما لم تحاول هي بشارة البدء؟ولكن كيف وتراها عالقة بذراعه ، نظرات الخجل التي كست عيناها مغلفة بشعور الهيبة والأحترام تجاهه ،اوقفتها ساكنة ، بالتأكيد يشعر بها مما زاده هذا الشعور تأكيدا لفحولته، وكيف لا يليق برجلا مثله أن يأسر مشاعر تلك العروس الصغيرة  ، بالفعل إنها خطيبته.

لا أحد يقوى على تفهم مشاعر الغيرة التي تنتاب الأنثى سوى أنثى مثلها ، مشاعر  اعتصرتها باتت تُوقف نبضها ،غصة الحلق التي اقتحمتها كادت تُفتك سويداء قلبها ،في تلك اللحظة خارت قواها وأدارت وجهها الملائكي بعيدًا عنه،وتوارت خلف احد أعمدة المكان كي لا يراها وبنفس اللحظة جاءها اليقين التام بتجاهله لها حتى عند رؤياها بالتأكيد سيتهرب منها مجددًا كما كان من ذي قبل لم يًشعرها ابدًا برغبته لها ولكنها ظلت تقاوم .

ابتعدا سويا ،رويدا رويدا اختفا على مدد الشوف ،وظلت صامدة وصامتة ،توقفت عقارب الثوان بزمنها الخاص الذي نسجته بمخيلتها لبرهة من الوقت ،ضحكت بداخلها ،بل سخرت من ترتيبات القدر والتي ليس لها به حول ولا قوة ،وانتبهت لنداء والدتها حين نادتها لأخذ رأيها في شراء مصباحي غرفة النوم، واتجهت واختارت واشترت ،وعاودت السخرية من قدر ظل يعاندها لسنوات معلنًا إنه ليس لها ، ولست له ، وما أن انتهت من شراء احتياجتها ، هرولت لمنزلها وانزوت بغرفتها مجددا كما كان سابق عهدها ،وعاودها الحنين للماضي ،وتملكها الفكر من جديد ، ووجهت سؤالها لنفسٍا منكسرة ، هل لو عاد الزمن للوراء ، كانت ستتخذ نفس الخيار؟!! .

 ولكن كان لابد من معايشة واقعها الذي كُتب عليها برضاها ، وبمرور الوقت عاشت ، وربما تعايشت ، وعندما ترجع بالذاكرة تجد إنه مشهد ليس بالهين لأية عاشقة حلمت أن تكون معشوقة لكن القدر أبى ، بل وتضافرت المواقف والظروف لإخراجها من سلسلة المحبين ،هل كان من الأفضل أن تذهب اليه لتثير انتباه لها ، إذ لربما يعيده الحنين إليها مجددًا!! أم إلتزامها للصمت كمل فعلت هو الأفضل ،بل الأنسب لحفظ ماء الوجه؟!صمت المشاعر المتأججة داخلها والذي بات يُخنقها كطوقًا حديديّ .




ثمة مشاعر متضاربة عاشت بها لسنوات حتى بعد آخر لقاء ، بدت تتصارع بل وتصارع  نفسًا هشة ،تساؤلات عديدة ظلت تداهمها سنوات ،أليس من الممكن أن تكون رسالة سماوية لعلاقة أبدية لم يشأ الرحمن ببدءها بعد حتى بعد مرور كل هذة السنوات ؟أم ستصبح قصة حبها  لفارسها الغير  مغوار، مجرد مشهد مسرحي سيُسدل عليه الستار للأبد في آخر أيام العرض؟!!