الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

لماذا تأخر العالم فى قهر فيروس كورونا؟

الإثنين 04/مايو/2020 - 07:15 م

فى ظل جائحة فيروس كورونا التى تجتاح العالم حاليًا دون اعتراف بأى حدود أو مسافات، وتضاعف أثارها بشكل أسي وغير مسبوق، وعدم كفاية الإمدادات الطبية فى كل أنحاء العالم تقريبًا، وتفكك المجتمع الدولى، وتعامل قادة الدول مع الجائحة على أساس وطنى.

 فى ضوء كل ذلك تتجه أنظار العقلاء فى العالم أجمع نحو رأس المال المعرفى فى شركات الأدوية ومعاهد الأبحاث المتقدمة التى تمتلكها دول مثل الصين واليابان وألمانيا وفرنسا وروسيا وأمريكا وغيرها، منها: مختبر جامعة فيليبس ماربورغ الألمانية، وشركة الأدوية الحيوية "كيورفاك إيه جي" فى ألمانيا ، والتحالف من أجل ابتكارات الاستعداد للوباء فى ألمانيا، وشركة الأدوية اليابانية، وشركة المضادات الأصلية البريطانية ، ومعهد "دوهرتي" في ملبورن بأستراليا ، ومعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) ، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ومعهد بحوث (MIGAL) الإسرائيلي، والمركز القومى للبحوث بمصر ، وشركتا Takis  وEvvivax بإيطاليا ، ومختبر VirPath  فى مدينة ليون الفرنسية، وغيرها.

 حيث راحت كل هذه الجهات وغيرها منذ بدء ظهور الفيروس ونشر شفرته الوراثية ، تسابق الزمن وتسخر كل طاقاتها والقدرات التنافسية التى تمتلكها فى سبيل  تحقيق سبق  فى تطوير أول لقاح للفيروس يمكن بواستطه إنقاذ البشرية وإعادة الحياة لوجهها الطبيعى من ناحية ، وتحقيق سبق اقتصادى يعيد للأسواق توازنها وللبورصات استقرارها، وللدولة والشركات صاحبة الإنجاز تدفقًا فى الأموال وزيادة فى الثروات، من ناحية أخرى .

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا : إذا كانت الدول تمتلك من رأس المال المعرفى ومن المعامل المتقدمة ما يكفى، فلماذا تأخرت عملية تطوير لقاح للفيروس حتى الآن؛ حيث إن العمل فى هذا الاتجاه مازال يسير بسرعة لا تتناسب أبدًا مع سرعة انتشار الفيروس والأثار النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التى يتركها؟!

يذهب بعض المحللين  إلى أن هذا التأخير غالبًا ما يعود من ناحية إلى تفكك الجهود الدولية وتبعثرها، ومن ناحية أخرى إلى التكلفة المادية وحسابات الربح والخسارة التى تتبعها بعض شركات الأدوية العملاقة المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات مثل: فايزر، وسانوفي، وجونسون آند جونسون، وميرك آند كو ؛  فعلى الرغم من الجهود الضخمة التى يبذلها العلماء فى معاملهم سالفة الذكر وغيرها، يواجه تطوير اللقاح تحديات ضخمة، تتمثل فى التمويل المطلوب الذى يصعب على أى جهة أن تتحمله منفردة، نظرًا لأن إنتاج هذا اللقاح يمر بمراحل متعددة من الاختبارات.

 كما أنه يتطلب تأمين طريقةٍ فعالةٍ لتصنيعه، وكل ذلك يتطلب بالطبع تمويلاً كبيرًا ووقتًا طويلاً، الأمر الذى جعل تلك الشركات وغيرها تتردد كثيرًا قبل الدخول فى هذا السباق بسبب احتمالات تطور الفيروس وتحوره قبل اكتشاف علاج له، وكذا احتمال تغير طفرته من مكانٍ إلى آخر، هذا بالإضافة إلى احتمال التوصل إلى إنتاج اللقاح بعد تراجع الفيروس عالميًّا ومن ثم تعرض هذه الشركات لخسائر فادحة.
وأيًا كانت التحليلات التى تفسر تأخر الوصول إلى هذا اللقاح ، فإن الواقع يشير إلى أن هناك صراعًا خفيًا بين الدول والشركات فى الاستئثار بحق إنتاج هذا اللقاح  وتوزيعه فى العالم؛ والدليل على ذلك أنه نظرًا لما عرف عن قوة المختبرات العلمية الألمانية في مجال صناعة الأدوية والعقاقير الطبية بسبب الاسثمارات الضخمة التى يتم ضخها فى هذه المختبرات ، فقد حاولت إدارة الرئيس الأمريكي، جذب شركة CureVac الألمانية للعمل لصالحها، بعد أن أعلنت الصحف أنها تقترب من تطوير لقاح ضد الفيروس، إلا أن الرد الألماني كان قاطعًا، من قبل مدير الشركة ووزير الخارجية الألماني، حيث أكد الأخير أن بلاده لن تسمح للآخرين بأخذ نتائج أبحاث العلماء الألمان، وأن هزيمة الفيروس يجب أن تتم فى إطار عمل جماعي.
والسؤال الذى يطرح نفسة هنا هو: متى يتمكن رأس المال المعرفى من دحر هذا الفيرروس؟
يؤكد الواقع أن نتائج محاولات الوصول إلى لقاح من خلال الجهود العلمية والبحثية المنفردة لكل دولة مازالت محدودة وضعيفة، وأن الحل الأجدى للوصول إلى لقاح قادر على دحر هذا الفيروس يكمن فى وجود مشروع دولى مشترك يركز من ناحية على توسيع دائرة التعاون بين العلماء والمختبرات وشركات الأدوية على المستوى الدولى، ومن ناحية أخرى يضمن وجود تمويل دولى مشترك قادر على مواجهة الأزمة وتخفيف توابعها، وتأكيدًا لهذه الرؤية أطلقت كل من شركة GeoVax، وهي شركة أدوية أمريكية، وشركة BravoVax وهي شركة أدوية صينية، أطلقتا  على استحياء مبادرة للتعاون فيما بينهما بهذا الخصوص، نتمنى أن يتم توسيعها لتشمل دولًا ومعاهد بحثية أخرى متقدمة فى العالم؛ حيث وضعت الشركتان خطة مشتركة لأجل تطوير لقاح ضد الفيروس. تركز فيها الشركة الصينية على إجراء الاختبارات والتصنيع والتواصل مع السلطات الصينية، فيما ستعمل نظيرتها الأمريكية على تطوير فعالية  اللقاحات المنتظرة وزيادة مناعته.
* كاتب المقال
أ.دالهلالي الشربينى الهلالي
وزير  التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق