الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
تعليم عربي واجنبي

نقابة المعلمين بالاردن تتحرك لحل قضية رواتب المعلمين العاملين في التعليم الخاص.. "جيبوا حقنا من المدارس الخاصة اللي ما أعطتنا رواتبنا"

الجمعة 12/يونيو/2020 - 03:54 م
السبورة

هكذا تستصرخ المعلمة تغريد التي تعمل لدى مدارس خاصة كبيرة تحمل إسماً بريطانياً في غرب العاصمة عمّان. المعلمة لجأت الى نقابتها (نقابة المعلمين) بعد أن استبدّ بها القلق الذي يسكن اليوم 34 ألف معلم عامل في القطاع الخاص من عدم حصولهم على رواتبهم بعد أن قررت الحكومة تعطيل المدارس بسبب جائحة كورونا.


المعلمون قلقون
وتشتكي المعلمة بسمة من السلط: "صاحب المدرسة يقول أنه لن ينزّل الرواتب حتى نداوم، وأريد أن أسأل هل يحق لصاحب المدرسة أن يخصم نصف الراتب بسبب العطلة ضمن هذه الظروف؟" فيما يضيف المعلم بشار من الزرقاء تساؤلات مريرة أخرى: " بعض المدارس الخاصة بدأت تبلغ العاملين أنها ستصرف نصف راتب هذا الشهر! هل هذا قانوني؟ وهل تم التنسيق معكم؟ وما موقفكم؟ وهل هذه المدارس التي ستصرف نصف راتب ستتقاضى نصف قسط من الأهالي؟!" وتضيف المعلمة شفاء من الكرك وقائع أخرى: "أرجو أن يتم تنزيل الراتب على البنك وإلا سوف يخصم علينا من راتبنا. المدارس الخاصة الصغيرة لا تعطي المعلمين الحد الأدنى لأجور العاملين" وتشرح المعلمة ملاك من إربد إجراءات بعض مالكي المدارس الخاصة: "نقابتنا الموقرة؛ مدرستنا وقعتنا ع انهاء خدمة وما بدهم يعطونا رواتب للأشهر الجاي، شو الحل معهم بهالحالة؟" وتحلل المربية أميرة مديرة إحدى المدارس الخاصة في المفرق الحالة بشكل نهائي: "المدارس الخاصة متى راح تكون تحت مظلة وزارة التربية والتعليم؟ نحن ليس لنا حقوق كمعلمين، ولكن نتبع قانون العمل فقط."


هذه ليست سوى مشاهد ومقتطفات وغيض من فيض الرسائل الإلكترونية والمكالمات التي اجتاحت بريد وهواتف نقابة المعلمين الأردنيين خلال الأيام الماضية. حيث يحاول المعلمون العاملون في التعليم الخاص المحافظة على سلامة أسرهم وتلبية احتياجاتها في ظل الحجر المنزلي المفروض على جميع المواطنين؛ ومتابعة تدريس أبنائهم عبر التعليم عن بعد، فضلاً عن إعطاء الدروس والتواصل مع التلاميذ عبر مجموعات الواتس آب والماسنجر، وغيرها من المسؤوليات التي تمتد طوال ساعات اليوم و الأسبوع وسط خوف ورعب عارم على دخلهم القليل ومصدر رزقهم الوحيد من أشهر الكورونا الثلاثة القادمة.


والمالكون كذلك
لكن ليس المعلمون وحدهم من يجأرون إلى نقابة المعلمين، بل أيضاً أصحاب المدارس الخاصة. محمد الحميدي يقول: "أنا كصاحب مدرسة خاصة كيف سأستطيع دفع رواتب موظفيني لهذا الشهر؟ لأن اعتمادنا الرئيسي على تحصيل الرسوم شهرياً من أولياء الأمور، ولدينا أيضا شيكات برسم التحصيل، ويوجد أيضا المبالغ المترتبة على أولياء الأمور لنهاية هذا العام. وأنا تواصلت مع الكثير من المدارس الخاصة وهي تعاني نفس المعاناة. التجأت إليكم لطرح هذه المشكلة وكيفية إيجاد حلول مع الحكومة إن أمكنكم ذلك ولكم منا جزيل الشكر والعرفان." واشتكى آخرون أن الكثير من  المدارس الخاصة تطلب من البنوك المعنية كشف حساباتها لمدة لا تقل عن ثلاث أشهر حتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها نحو العاملين فيها واعطائهم رواتبهم في ظل الوضع غير الواضح  في  المستقبل.


النقابة تتدخّل
رئيس اللجنة القانونية في نقابة المعلمين الأستاذ باسل الحروب أشار الى أن مجلس النقابة بادر منذ اللحظة الأولى إلى الطلب من الحكومة التدخل لحل هذه الإشكالية. وقال: "بعثنا بكتاب لدولة رئيس الوزراء قبل أمر الدفاع الثاني ولا تزال الآلية لحل هذه الإشكالية بالنسبة لنا غير واضحة."


واقترح الكتاب الذي وجهه نائب نقيب المعلمين د.ناصر النواصرة الى رئيس الوزراء عمر الرزاز خطوتين عمليتين للحل:

" 1- إلزام البنوك منح المدارس الخاصة تسهيلات إضافية لتمكن هذه المدارس من القيام بسداد التزاماتها والاستمرار بعطائها وبما يضمن التزامها بدفع رواتب المعلمين كاملة غير منقوصة وأي التزامات أخرى.

2- اعتبار رواتب موظفي المدارس الخاصة رواتب متعطلين عن العمل."


وذكّر د.النواصرة الرئيس بأن المدارس الخاصة ترفع عن كاهل موازنة الدولة مئات الملايين من الدنانير بالنظر إلى كلفة الطالب على وزارة التربية. مشكّلةً حاضنة للعملية التعليمية تقوم برعاية أكثر من 600 ألف طالب.


وبيّن الحروب أن النقابة لم ترغب باثارة أمر لا يصبّ في دعم الحكومة لمواجهة وباء كورونا، إلا أنها الآن تجد نفسها مضطرّة عندما يتعلق الأمر بلقمة عيش المعلمين وعائلاتهم. حيث تم التواصل قبل يومين مع الأمين العام لوزارة التربية والتعليم د.نواف العقيل العجارمة الذي نوه بدوره أن الوزارة خاطبت وزارة العمل بهذا الشأن ووضعتهم بصورة وخطورة الأمر وأكدوا متابعتهم.

 
فرص دوليّة
من جانبها دعت منظمة العمل الدولية الأردن الى التفكير بتوسيع الحماية الاجتماعية، ودعم استبقاء العاملين في وظائفهم (عن طريق الدوام لوقت قصير، والإجازات مدفوعة الأجر، وغيرها من الإعانات)، والإعفاءات المالية والضريبية، بما فيها للمنشآت الصغيرة جداً والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.


وأضافت المنظمة في ورقة صادرة عنها: "نحن بحاجة إلى فهم الثغرات وأوجه القصور الموجودة واقتراح مجموعة من توصيات السياسات لضمان عدم إهمال أي فرد. يمكن أن تشمل هذه الإجراءات توسيع الحماية الاجتماعية للجميع، وإقرار إعانات حكومية وتأمين صحي شامل، وتشجيع وتسهيل العمل عن بعد والمرونة في ساعات الدوام، ودعم القطاع الخاص”.


ويرى الخبير الاقتصادي ومستشار العمل أحمد عوض أنه يتوفر في العالم -رغم صعوبة الأوضاع- فرص جيدة لتمويل أي إجراءات حكومية لدعم القطاع الخاص المتضرر من تداعيات هذا الوباء؛ حيث توفر برامج الدعم والمساعدات التي أعلنتها العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات. وينصح عوض الحكومة أن تعلن عن عدم القدرة على سداد الديون العامة الخارجية والمحلية بمختلف أشكالها، فلا أولوية تضاهي أولوية حماية اقتصادنا ومجتمعنا في هذه الظروف الاستثنائية.

 
العمل تحذّر
فيما صرح وزير العمل نضال البطاينة اليوم: أن الحكومة معنيّة بإيجاد الحلول لقضية رواتب معلمي المدارس الخاصة بالتعاون والتنسيق مع الأطراف ذات العلاقة، وهي تدرس وضع الحلول لهذه القضية وستعلن عن القرارات التي ستتخذها قريباً.


ومن جانبه شدّد مدير التفتيش في وزارة العمل المهندس هيثم النجداوي أن وزارته تتابع قضية المعلمين في المدارس الخاصة وهي منسجمة تماماً مع مطالبات نقابة المعلمين، لكنه نبّه أن ليست كل المدارس الخاصة متعثرة كما تشير سجلات الوزارة، مؤكدا أنه وفي مثل هذا الظرف الدقيق لا بد من التعاضد ودراسة الموقف جيداً، ودعا المدارس الخاصة إلى المبادرة الى إيداع رواتب معلميها بدءً من اليوم حيث بدأ استحقاق الرواتب، مشيراً الى أن وزارة العمل تسعى لتأمين تصاريح سير الكترونية مؤقتة لكل مدرسة من أجل ايداع الرواتب، وبعد الانتهاء من هذا الإجراء سيصار إلى حصر أي مدرسة مخالفة من أجل التعامل معها وذلك في غضون أربعة أيام، مهيباً بالمعلمين عبر نقابتهم التبليغ عن المدارس المخالفة عبر الرابط الإلكتروني الخاص بخدمة الإبلاغ عن المنشآت المخالفة لقرارات الحكومة بشأن العاملين في الظروف الراهنة (فزعة  http://faz3a.mol.gov.jo/).


نشبع معاً
نقيب المعلمين الأردنين أكد أن النقابة تولي متابعة هذه القضية حتى الحل اهتمامها وعنايتها مردداً عبارته المشهورة: "نحن كما نحن؛ نجوع معاً أو نشبع معاً".