السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الخطوة الاولى لاتخاذ القرار السليم

الثلاثاء 21/مايو/2024 - 11:52 م

جَميلَةٌ هَذِه الحياة، بل أظنها مريبة، تخبئ لنا المفاجآت، بل تقصد تخبئ لنا الفواجع، تبهرنا بأجمل الصدف، لا تبهرنا، بل تصدمنا، ماذا دهاك اترك هذا التذمر! ليس تذمرا، بل هي الحقيقة، تحملت كل هذه المشقة، وتضاءلت عندي الرفقة، انعدمت لدي الثقة، صَغيرة هذه الحلقة، التي أَصبحتُ مُقيدًا بها، فأنا سجين في هذه الحَياة. لَستَ سَجينا، بل أَنت حر، فأَنتَ هو من يَختار، بِيدكَ القرار، تتحداها أم تنهار، فكن كالأسد المغوار، واترك عنك هذه الأعذار. 

الحياة عبارة عن مواقف وصعاب نمر بها

الحياة عبارة عن مواقف وصعاب نمر بها كل يوم أو بالأحرى في كل ثانية. نستطيع تخطيها حين نتمكن من اتخاذ القرار السليم. إذا أمعنا النظر، سنجد بأن كل حياتنا وكل لحظة نعيشها الآن هي في السابق قرار ينتظر أن يتم اتخاذه وتنفيذه، سواء تم اختيار القرار المناسب أم لا، فسوف يكون له التأثير في حياتنا سواء كان تأثيرا على المدى القريب أم البعيد وسواء كان التأثير إيجابيا أو سلبيا، فهذه هي نتيجة ما فكرنا به في تلك اللحظة. إذًا ما هو القرار؟ وما هي العوامل المؤثرة فيه؟ وكيف نستطيع أن نتخذ القرار السليم؟ 

القرار يأتي بعد تفكير عميق، أن تطمئن بفكرة أو هدف ما، أن تسلك وتختار واحد من الطرق، وألا يؤثر فيه أي صديق. اجعل تفكيرك واسعًا كالأفق، مبهرًا كالغسق، منظمًا ومتسق. اتخاذ القرارات هو كبناء بيتك بنفسك، أن تبني حياتك وحدك، حتى أبسط القرارات قد تؤثر في الاستقرار، فإن تجاهلها والتغاضي عنها قد يزعزع البناء، أما ما يجمل بِنائك ويحسِنه هي قيمك وأخلاقك. يحدث أحيانا أن يكون الانسان مرغما على اتخاذ قرار ليس مقتنعا به وهذا يكون بسبب تأثير العديد من العوامل عليه. أصنفها إلى عوامل بيولوجية وعوامل ثقافية. أما الأولى فهي مثل المجتمع الذي هو فيه، عائلته، أصدقائه وكل من هو حوله. فلربما يقومون بالضغط عليه لاتخاذ قرار هو بحد ذاته ليس مقتنعا به وإنما اختاره بالإجبار وتحت تأثير الضغط، فالعقل حينها يكون مشوشا ومتشتت فلا يصبح لديه القدرة على اتخاذ القرار السليم. أما العوامل الثقافية والتي تتمثل في أخلاق المرء، معتقداته، والعادات والتقاليد التي نشأ عليها. فجميعها تكون أحيانا عائقا للفرد وتَحولُ بينه وبين ما يُرد. مثال على ذلك، قرار المرء بالدراسة في خارج بلده لكسب المزيد من الخبرة وتحقيق حلمه الذي لطالما سعى له. لكن مجتمعه وعادات محيطه ربما لا تسمح له بذلك، وهذا سيجعله يغير قراره ويتبع القرار الذي قاموا باختياره عوضًا عنه.

 إن أول خطوة لاتخاذ القرار السليم هو أن تضع كل القرارات التي لديك أمامك، وتقم بدراسة كل واحد منها وتأثيره عليك على المدى القريب والبعيد. والأهم من هذا أن تفكر بعقلك وقلبك معًا. فالعقل والقلب كعقارب الساعة، لا يمكن أن يعمل أحدهما دون الآخر. إن كان القرار له تأثير على أقاربك او الآخرين، فإن اتخاذه يكون أصعب قليلًا، لأن تأثيره على الآخرين هي مسؤولية كبرى تقع على عاتقك. ففي هذه الحالة، يستحسن ألا تتخذه بمفردك بل من الأفضل أن تستشيرهم وهذا سوف يخفف العبء الذي عليك ويجعل فؤادك مطمئنا وبالك مرتاح. في ذلكَ الحين، كانَت تِلكَ الخُطوة صَعبةٌ بالنِّسبةِ لي، مُرهقَة لِعَقلي، تستنفد كلَّ طاقتي. ولكِنَّ بَعد المُضيِّ قُدمًا فيها، تُصبحُ في نظَري تَجربَةً سَهلةً وقرار لا يستَحِق كلَّ ذلِك التفكير ولا ذلك العناء. إذًا لماذا! هلْ لأن الخَوف ممَّا سَيحدُث لاحِقا أَقوى مِن المُجازفَة في الأَمرِ! أمْ أنَّه اختبار لا تعرف عواقبه ونهايته؟ وربما يخيب ظنك بالنتيجة حين تكون معاكسة ومختلفة عما كنت تتوقعه. هذه هي الدنيا، مرة تصيب وتارة تخيب. لن يكون كل شي كما تريد وتتمنى. الحياة ليست دائما كما يصفها البعض بالحياة الوردية. اذ ان الانسان يصبح أكثر نضوجا من اليوم الذي قبله، حيث إن كل حرف وكلمة وحدث هي كقطعة توضع في أحجية، شيئا فشيئًا لتتكوِن لوحة كاملة ومتناسقة وواضحة لدى الكل. كذلك هو الحال بالنسبة لنا، لا تتكون شخصياتنا إلا بعد المرور بكل هذه المواقف. فلا تَنتظِر أن يُرشِدك أحدٌ ويتَّخذَ القراراتِ عوَضًا عنك، ابدَأ ما تظُنه صَعبًا ومُرهقًا وسَتكتَشف بأنه غير مهْلكٍ للنفس فدائما ما تكون الخطوة الاولى صعبة وثقيلة، تحتاج إلى تفكير عميق، ولكن ما إن تبدأها سيكون العمل الباقي سهلا يسيرا، كله يَحدُثُ بعْدَ التّوكُّل على الخالِق الّذي لا يُعجزَه شيء. 

*كاتبة المقال: سليمة سعيد المشرفية 

مهتمة  بكتابة المقالات ذات الطابع الاجتماعي