السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

ولاء عمران تكتب.. بقايا التلاقي

الجمعة 07/يونيو/2024 - 02:08 ص

بقايا التلاقي..رأيته فجأة واقفا أمامى..تسمرت قدماي وكدت أفقد توازني حينما تلاقت أعيننا..لم أكن أتخيل مطلقا أن أراه بعد كل هذه السنوات.اعترت جسدي قشعريرة حينما اقترب مني وأخذ يتأملني، مد يده ليصافحني، شعرت ببرودة في يديه، 

لم أميز هل هي برودة الشتاء أم أنها نابعة من داخله، ظل يتحدث عن أشياء كثيرة، ولم أكن خرجت من ذهول المفاجأة، فلم أستوعب حديثه،اقترح أن نجلس في مكان ما، وافقت دون تفكير لا أعلم لماذا ؟ كان دائما غائبا عن عيني حاضرا في قلبي وفي فكري وفي خيالي، ربما تكون هذه سذاجة، لا أدري فكل ما أعرفه أنني لم ولن أحب غيره،

 ذهبنا إلي مكاننا القديم الذي شهد أول لقاء جمعنا معا، كانت هذه رغبتي، المكان هو المكان بكل تفاصيله، ولكن هناك شيء تغير، نفس الشجرة التي كانت فروعها ممتدة إلي الخارج وكأنها كانت تأبي أن يجلس أحد في ظلها وكأنها كانت تنتقم منا من كثرة ما جرحناها بحروفنا وتواريخ ميلادنا،  كنت أضحك وأقول له ماذا لوكانت فروعها ممتدة هنا ناحيتنا لكي نستظل بها ونحتمي بها من لهيب الشمس ورزاز المطر ..

رباه كم من الفصول مرت علينا هنا عشقت معه كل الفصول، الصيف بجفائه..والشتاء بسخائه..عشقت كل لحظة كنت فيها معه وكرهت كل لحظة كان فيها بعيدا..

فصل الخريف

ذات يوم كنا في فصل الخريف،كان آخر لقاء بيننا،لم نكن نرتب لذلك ولكنه كان الأخير..أخبرني أنه سيسافر لكي يكمل حلمنا ، سافر ولم يأت وتبخر الحلم الجميل

مازلت أتذكر البيت الجميل الذي بنيناه معا علي الرمال علي شاطيء البحر..كان رائعا، كل ركن فيه جزء من حلمنا الكبير ولكننا لم نعمل للأمواج حسابا ودعته على أمل أن ألقاه..وعدني أنني سأظل في عقله وفي خياله وفي قلبه..عاهدني ألا يفارقني أبدا، انتظرت كثيرا وطال انتظاري، لم يرسل لي خطابا واحدا يطمئنني ! هل نسي الحب الكبير والحلم الجميل ؟إختلقت له الأعذار ولكني أدركت الأن أني كنت مخطئة 

 

كنت أتردد علي هذا المكان كثيرا فأشعر فيه بأنفاسه تملأ المكان وأشم فيه رائحة دخان سيجارته وأتخيله معي هنا..نخطط ونرسم مستقبلنا وأحلامنا، كنت أحسب كل شيء وأدرسه جيدا..ومعه نسيت أن الشيء الوحيد الذي لايخضع للحسابات هو القدر 

نظرات عينيه باردة تماما مثل يديه

لا أعلم كم من الوقت مضى وأنا جالسة معه ولاأعلم هل قلت له هذا الكلام أم  كان حديث نفس، انتبهت له وهو يحدثني.. نظرت إليه.. كانت نظرات عينيه باردة تماما مثل يديه..مشاعر غريبة ومتضاربة انتابتني، رفض، وحنين، لم يذكر لي مبررا واحدا لغيابه ؟ لم يذكر لي سبب ابتعاده عني.. كان يتحدث كأن شيئا لم يحدث !!

يملأ الرفض عقلي ويزيح الحنين، ألهذا الحد كنت باردا، ألهذه الدرجة كنت لا تبالي

لمحت دبلة في إصبعه..سألته عيناي..ولكنه لم يعبأ بسؤالها..وقتها شعرت بكرامتي التي أهدرتها طواال هذه السنوات وأنا في انتظاره..نظرت إلي المكان وإلي الشجرة  وإلى  السماء التي أظلمت فجأة  وتلاحم رزاز المطر مع دموع عيناي وكأن السماء كانت تشاركني أحزاني وتبكي من أجلي..كرهت رجوعه وتمنيت لولم يأت

ودعت المكان بغير رجعة..فالذي تبقي بيننا لم يعد يكفي..فالذكريات أقوى من الحاضر..والأمس أكثر نضارة من الغد.. ولامعني ولاقيمة لأن نشيع سويا حبا احتضر......