الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

الجامعات الخاصة و ضمان الجودة

الثلاثاء 02/مايو/2017 - 03:03 ص

وهـل تحققـت نبـوءة البنـك الدولي بـأن هـذه المؤسسـات كفيلـة بـأن تـنهض بحكـم ملكيتهـا الخاصـة بـالتعليم العالي وترتقي بمستواه ؟ 

 فقبل ان نسترسل في الإجابة على هذا السؤال سوف نلقى الضوء على ما ورد في قانون الجامعات الخاصة رقم (١٠١)  لسـنة ١٩٩٢ من ضمانات تخص ما نحن بصدد الحديث عنه و التي تركز على ضرورة حسن قيام هذه الجامعات بواجباتها، و لعل من بين أهـم هذه الضمانات ما يلي:- ليس من بين أغراضها تحقيق الربح - تهدف الجامعات الخاصة  إلى الإسهام في رفع مستوى التعليم والبحث العلمي  - تنشئ الجامعات الخاصة تخصصات فريدة من نوعها وتكون إضافة لما هو قائم في التعليم الجامعي. ولقد تم التأكيـد من قبل الدولة على  أن التوسـع في التعلـيم العالي يجب ان يكـون مـع الحفـاظ علــى الجـودة، وأن نشـاط هذه الجامعات لا يبـدأ إلا بعــد اسـتكمالها كافـة التجهيــزات والمتطلبات البشرية والمادية اللازمة لذلك. في ذات الوقت  أكـدت سياسـة الدولـة المعلنـة أيضـا أن أنشـاء الجامعـات الخاصة لا يجب أن يكون علـى حسـاب الجامعـات الحكوميـة، بل إن جـودة التعلـيم بالجامعات الحكومية ولحاقـة بتعلـيم العصـر وكذلك تحويـلها إلى مؤسسـات تخلـق المعرفـة يجـب أن يكـون محـورا أساسيا لسياسـة التعليم العالي في مصـر.

 

 وحتى لا نضل الطريق في إبراز العنوان الذي أردناه في إطـار من هذه الضـمانات والضـوابط الواردة في قانون إنشاء الجامعـات الخاصـة، يجب أن نبتعد بالحديث عن المجادلة في كــون هذه الجامعات تســتهدف الــربح من عدمه، و عموما فطالمــا ســمح بإنشائها كشــركات استثمارية تقـوم علـى مبـادئ السـوق وتشكل مجلـس أمنائها لتوجيه سياسـاتها العليـا، فلابـد أن يكـون تحقيـق الـربح هـدفا أساسـيا، سـواء رضـينا بذلك أو لم نرضى.  ففي الوقت الذي يرى البعض فيه أن الجامعـات الخاصـة لكي تحقـق الـربح يجـب أن ترتقي بمسـتوى التعلـيم حتـى تجـذب اكبـر عدد من الطلبة للالتحاق بها، نجد أن ما يحـدث بالفعـل وفـى أحيـان كثيـرة أن دافـع الـربح يتعـارض مـع استيفاء متطلبات ضمان الجـودة، و سوف اكتفى للدلالة على ذلك بإبراز مؤشر واحد و هو عدد أعضاء هيئة التدريس أو معاونيهم إلى الطلاب،  حيث انه يظهر تجـاوزا سلبيا في الغالبية العظمى من هذه الجامعات و يحقق مستوى غير متلائم  مع المعايير المرجعية التي وضعتها الهيئة القومية لضمان جودة التعليم و الاعتماد.

 

 

أما التخصصات والتي يفترض وفقا لضمانات القيمة المضـافة  و قانون الجامعات الخاصة أن تكون فريدة من نوعهـا و مختلفة عما هو قائم في التعليم الجامعي، نجد ان معظـم التخصصـات في هذه الجامعات موجـودة في الجامعـات الحكوميـة، كما أنها لا تختلف كثيرا من جامعة خاصة إلى أخرى ، ذلك لأن اعتبارات السوق هي التي تـوجههم جميعـا في رســـم سياســـة التعلـــيم. وعمومـا كيــف نتوقــع أن يوجـد بالجامعــات الخاصــة اختصاصات فريــدة في نوعهـا والكثير منها لا يمتلك خطة فاعلة لإعداد أعضاء هيئة تدريس جدد، بل و يعتمـد على الجامعات الحكومية في انتداب أعضاء هيئة التدريس وربما أيضا في نقل المنـاهج التي تـدرس في هـذه الجامعات، ناهيك عن استغلال الموارد المادية للجامعات الحكومية من ورش- معامل - مستشفيات - الخ، في تدريب و استكمال الدراسات  العملية للطلاب.

 

 

 وفيمــا يتعلــق ببنــد ضــمانات قــانون الجامعــات الخاصــة بــأن الجامعــات الخاصــة يجــب أن تهدف إلى رفع مستوى البحث العلمي، نجـد أن نشـاط البحـث العلمي الذي يعــد عنصــرا أساســيا في تقــويم نوعيــة مؤسسـات التعلــيم العالي لــيس لــه مكانــا في الغالبية العظمى منها حيث لا توجد المقومات الرئيسة لإتمامه من معامل و أجهزة و تجهيزات بحثية كافية، بل من الأساس هناك غياب للاستراتجيات و الخطط الفاعلة على ارض الواقع لإتمام البحث العلمي. أما كون الغالبية من هذه الجامعات لا تقدم برامج للدراسات العليا و ذلك يجعلها بمثابة مدارس للتدريس، فانه في ظـل أوضاعها الراهنـة مـن الأفضـل أن تظـل بمنأى عن تقديم مثل هذه البرامج و التي مازالت لـم تحقـق النجـاح المنشـود في الجامعـات الحكوميـة التي تتمتع بتاريخ وخبرات طويلة في هذا المجـال، عــلاوة علـى ذلـك هنــاك مخـاطر بـأن يصــبح مـنح الــدرجات العلمية العالية في هـذه الجامعـات عرضـة لاعتبـارات شخصـية مختلفـة أكثـر مـن منحها وفقا للتفوق العلمي.

تُرى بعد هذا الاستعراض  الموجز لبعض من معايير ضمان الجودة في هذه الجامعات ، هل تحققت نبؤه البنك الدولي بان تقترن جودة التعليم بالملكية الخاصة؟ .في الحقيقة، إن جودة التعليم لا تعنى الإنفاق ببــذخ علــى مباني وتسهيلات تضاهى مثيلاتها في أكثر الدول تقدما، ولكن الجودة يجب أن تنصـب أساسـا علـى ما تقدمه هذه الجامعات من برامج تعليمية ذات قيمة مضافة تحقق المستهدف منها نحو إنتاج خريج يساهم بكفاءة في رفع معدلات التنمية و خفض نسب البطالة بين خريجي هذا القطاع، و ايضا المساهمة بفاعلية في إنتاج المعرفة  لتمكين الاقتصاد الوطني من إحراز التنافسية و التميز.

كاتب المقال

ا.د/ احمد الخطيب

أستاذ بجامعة سوهاج