شجون جامعية
ألغازُ قائمةِ ستانفورد لأفضلِ 2% من العلماءِ
أولًا، مبروك لمن ورَد اِسمُه بـ قائمةِ ستانفورد لأكثرِ العلماءِ تأثيرًا، لكن هذا لا يمنعُ من اِعتبارِ آراءٍ مغايرةٍ بخصوصِها. وسأرجعُ في ذلك لمقالٍ كتَبه بتاريخِ ١٤ فبراير ٢٠٢٤، عن القائمةِ الصادرةِ عام ٢٠٢٣، أحدُ الباحثين في شؤونِالنشرِ العلمي بعنوان:
The Perplexing Puzzle of the Top 2% Scientists List
تحَدِدُ قائمةُ ستانفورد أعلى ٢٪ من العلماءِ، اِستنادًا إلى بياناتِ الاِستشهادِ Citations بسكوبوس Scopus. وتشتهرُ القائمةُ، الذي يُعدُها فريقٌ يعملُ بجامعة ستانفورد بقيادة جون أيوناديس، باِستخدامِها الصارم "لمقاييسالاستشهاد الموحدة"، بهدفِ توفيرِ مقياسٍ أكثرَ دقةٍ وشفافيةٍ للتأثيرِ العلمي وتميُّز الباحثين. وقد تمَ إصدارُها لأولمرة في عام ٢٠١٩، ويجري تحديثُها سنويًا.، وعلى الرغمِ من قبولِها، إلا أن دقتَها لا يتمُ فحصُها بشكلٍ نقديٍ، ذلكأن بها أخطاءً واضحةً.
أخطاءٌ في المدى الزمني للنشرِ وتاريخِه
فقد ورَدت أخطاءٌ في المدى الزمني للنشرِ وتاريخِه بـ قائمةِ ستانفورد . مثلًا، تورِدُ القائمةُ نشرًا لمئات الباحثين على مدى ثمانين عامًاوهو ما يتجاوز أعمارَهم. كما تورِدُ لباحثٍ تاريخَ نشرٍ على مدي ١٨٧ عامًا من ١٨٣٤-٢٠٢١، ولآخر متوفٍ عام١٩٠٧ أبحاثًا لمدة ١٦٢ عامًا في الفترة ١٨٤٩-٢٠١١ ! حتى ألبرت أينشتاين المتوفي عام ١٩٥٥ له أبحاثٌ عام٢٠٢١!
أما ظاهرةُ الإفراطِ في النشرِ لدى البعض ونُدرتُه لدى آخرين، فالأمثلةُ كثيرةٌ. فهناك من نَشرَ ٣٨٠٧ بحثًا منذ عام١٩٩٢، بمتوسط ١٢٣ بحثًا سنويًا، مايعني بحثًا كلَ ثلاثةِ أيام! وهناك ٢١٢ مقالًا سنويًا لأحد الصحفيين بمعدلِمقالٍ أو مقالين في اليومِ، ولصحفي آخر ١٣٦ مقالًا سنويًا بمعدلِ مقالٍ كل يومين أو ثلاثة! كيف يتمُ تجميعُ عملِهمهذا مع المقالاتِ العلميةِ؟! أدى هذا التصنيفُ إلى تفوقِهما على باحثين، بما فيهم الحائزُ على نوبل في الفيزياءِلعامِ ٢٠٢٣!
أيضًا، تعترفُ القائمةُ بالمؤلفين المُفرطين في النشرِ، ففيها من نَشرَ ما متوسطَه ١٣٠ مقالًا علميًا سنويا بمعدلِ مقالٍكل يومين أو ثلاثة!! وفيها مؤلفٌ أشارَ لمقالاتِه في ٩٧٪ مما نشرَه Self-citation ! وكذلك ٢٧ مؤلفًا أشاروالمقالاتِهم في ٨٠٪ مما نَشروا !
وعلى النقيضِ، تضمُ القائمةُ مؤلفين نشرُهم في حدِه الأدنى، فلأحدِهم بحثان منشوران على مدى ٩١ عامًا، وتمَتصنيفُه في المرتبة رقم ٦٠٦! ولآخرٍ بحثان متواضعان بين عامي ١٩٢٦ و١٩٦٦ ! كما ظهرَت منظمةُ الصحةِالعالميةِ WHO كباحثٍ وأُدرِجَت في المرتبةِ ٩٢٦٠ المتقدمةِ.
إذن، قاعدةَ البياناتِ التي تزعُمُ فهرسةَ أعلى 2٪ من العلماءِ يَشوبُها عدمُ الدقةِ، إذ أنه:
تَم إدراجُ باحثين بدأت تواريخُ النشر ِلهم في القرن التاسع عشر واستمرَت حتى عام ٢٠٢٣.
تضمُ القائمةُ مؤلفين نشرُهم في حدِه الأدنى وفِتراتُهم المهنيةُ قصيرةُ، ومع ذلك يُصَنفون عاليًا.
تتضمنُ مؤلفين سجلٌ نشرِهم المشكوكُ فيه ضخمٌ، بما في مقالاتٍ غيرِ بحثيةِ مثل الأخبارِ والمقالاتِ التحريريةِ.
يجدُ الصحفيون والمحررون مقالاتِهم التي لم تُراجعْ علميًا في القائمةِ على قدمِ المساواةِ مع أبحاثٍ علميةٍ تمَتحكيمُها.
تمَ إدراجُ منظماتٍ كما لو كانت مؤلفين فرديين.
مؤلفون كُثرٌ في قاعدةِ البياناتِ لديهم معدلاتُ اِستشهادٍ ذاتيٍ تتجاوزُ ٥٠٪.
من المتاحِ مراجعة قائمة ستانفورد حتى لا تؤدي بهذه الأخطاءِ الفادحةِ لشيوعِ مبدأِ التحايلِ لحجزِ أماكنٍ بها.
لم يجِدْ أيُ تحسينٍ لإضفاءِ مصداقيةٍ على تلك القائمةِ، إلى متى الجري وراءَ سرابِ التصنيفاتِ والقوائمِ؟؟
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،
..كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس