الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
محمد ابراهيم نافع
رئيس التحرير
محمد الصايم
مقالات

رسالة الى السيد الرئيس من استاذ جامعي مطحون

الخميس 22/سبتمبر/2016 - 01:37 ص

السيد الرئيس

قديما كتب الفلاح الفصيح إلى حاكم مصر يذكر له أحوال البلاد والعباد، وقال القدماء لا خير فينا إن لم نقلها، وقال المحدثين الجامعات قاطرة الأمة. ولكن لم يصادف القول فعل، بل على العكس أهملت الجامعات وتردت أحوالها وانشغل المسئولين عنها وعن البلاد بالشكل والمظهر ولم يهتموا بالحقيقة والجوهر.

سيدي الرئيس

هل تعلم أن عضو هيئة التدريس في الجامعات المصرية هو الوحيد الذي يقوم بالدراسة والتعلم طيلة حياته منذ تعيينه وحتي وفاته، ما بين رسائل ماجستير ودكتوراة ثم أبحاث ترقية وكل ذلك يكلف عشرات الآلاف من الجنيهات يدفعها عضو هيئة التدريس من جيبه الخاص ومن نفقات معيشة أسرته فإن لم يفعل إما يحول لعمل اداري أو يظل على درجة مدرس حتى يصل لسن المعاش

هل تعلم أن عضو هيئة التدريس في معظم الجامعات لا يعالج إلا من بعض الأمراض ولا تعالج أسرته إطلاقا علي نفقة جهة العمل كما هو الحال في كل الجهات ومنها القوات المسلحة التي شرفت سيادتكم بالخدمة فيها ونفخر بها جميعاً.

هل تعلم سيادتكم أن عضو هيئة التدريس هو الوحيد في البلاد المكلف بأكثر من عمل ما بين تدريس وبحث علمي وأعمال أخرى كالمراقبة والكنترول  وأعمال الجودة الورقية وغيرها من أعمال.

هل تعلم سيادتكم أن معظم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات مغتربين وبرغم ذلك فانتقالاتهم وإقامتهم في مقار عملهم على نفقتهم الخاصة.

هل تعلم سيادتكم أن عضو هيئة التدريس بدءً من تعيينه معيداً وحتي حصوله على الأستاذية ينفق علي أبحاثه من جيبه الخاص ومن قوت أسرته.

هل تعلم سيادتكم أن عضو هيئة التدريس يحصل على 80 قرش لتصحيح كراسة الإجابة الواحدة وبحد أقصى 80 جنيه.

هل تعلم سيادتكم أن عضو هيئة التدريس بعد اشرافه علي رسالة ماجستير لسنوات يحصل على اقل من 400 جنيه نظير الإشراف

هل تعلم سيادتكم إن عضو هيئة التدريس  بعد قيامه بمناقشة رسالة ماجستير أو دكتوراة تتطلب منه قراءة وعمل يزيد عن الشهر وسفر ربما من الإسكندرية إلي اسوان يحصل في النهاية علي 80 جنيه

هل تعلم سيادتكم إن كثير من الاساتذة المتفرغين ما زالوا قائمين بالعمل حتى لا يحصلوا على المعاش فقط والذي لا يزيد عن 1200 جنيه  لا يكفيهم أدوية بسبب أمراض المهنة التي أضاعوا عمرهم فيها.

هل تعلم سيادتكم أن عضو هيئة التدريس إن وافته المنية في أي لحظة وانتقل إلى جوار الله فإن أولاده يشكون ظلم البلاد والعباد بعد أن يحصلوا على معاش لا يصل إلي 10% من راتبه قبل وفاته وقد يصل معاش المدرس الجامعي إلي 400 جنيه فقط بما لا يكفي تعليم طفل واحد ما بالنا ومنهم من يترك أولادا في مراحل الدراسة المختلفة ودون زواج وقد يصل الأمر ببعضهم لترك الجامعة التي أفنى والده عمره فيها لأن الأسرة لا تستطيع الانفاق علي أكثر من ابن

هل تعلم سيادتكم أن أساتذة الجامعات هم الفئة الوحيدة في الدولة التي ليست لم تزد فقط بل نقصت مرتباتها في الثلاثة أعوام الماضية.

هل تعلم سيادتكم أننا لسنا جميعاً كما يصورنا الإعلام من أصحاب القصور والسيارات الفارهة بل أن منا من يستدين ليكمل الشهر أو لينفق علي عمله أو على علاجه أو علاج أولاده أو دراستهم.

هل تعلم سيادتكم أن كل ما سبق أدى لهجرة العقول واستنزاف ما تبقي منها في التفكير في كيفية الانفاق على أسرهم مما أدى لتراجع ترتيب الجامعات المصرية في كل التصنيفات العالمية بجانب أسباب أخرى أدت إلى هذه المهزلة التي نعيشها في ظل تجاهل البعض لوجود مشكلات حقيقية تبحث عن حل حقيقي وليس تصريحات في الصحف تثير الرأي العام على أساتذة الجامعات وتزيد مشكلاتهم بدلاً من حلها.

هل تعلم سيادتكم أنه لم يرزقنا الله منذ قيام ثورة يناير وحتى اليوم بوزير يحل كل المشكلات السابقة واكتفوا جميعاً بادعاء أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان وأصبحت الوظيفة بالنسبة لبعضهم فرصة لتعيين أقاربهم في مختلف الجهات بل وتفاخروا بإيقاف توقيع خصومات على كل أعضاء هيئة التدريس بدون وجه حق وكأن ذلك أصبح إنجازاً. وذلك لأن معظمهم من أصحاب المشروعات الخاصة والتخصصات التي يمكنها الجمع بين العمل الجامعي وأكثر من عمل آخر وبالتالي لا يعرفون هموم الجامعات حتى وإن كان بعضهم رؤساء جامعات سابقاً.

سيادتكم تعلم أن التعليم وخاصة الجامعي هو الوسيلة الوحيدة لتقدم البلاد التي يحفظ أمنها جيشها، ويجب أن يتزامن مع حفظ الأمن تقدم اقتصادي صناعي وزراعي وهو ما يمكن تحقيقه بالاستفادة من الدراسات والأبحاث الموجودة في الجامعات وكثير منها يقلل التكلفة ويخفض النفقات ويزيد الايرادات بما يخفف العبء عن الموازنة العامة بدلاً من تفكير الحكومة الدائم في القروض والضرائب. بجانب دور الجامعة الأساسي في تقديم خدمة تعليمية متميزة.  وهو ما يستحيل أن يحدث في ظل ما عرضته على سيادتكم مما قد يكون خافياً عنكم.

السيد الرئيس إن الحرب على الفساد والجهل لا تقل ضراوة عن الحرب ضد الإرهاب الذي يجد أرضاً خصبة في ظل تربة مليئة بالجهل والفساد.